المحرّكات إلى ما ليس بمتحرّك، و تجرّد ما ليس بقابلٍ للحركة و تنزّهه
عن المادّة و التغيّر، كما عرفت بيان ذلك في برهان الحركة.
فاستدل بذلك إبراهيم عليه السلام على وجود خالق غير متحرّك و لامتغيّر و
لا حادث، و هو ذات واجب الوجود القديم الذي فطر السماوات و الأرض.
و من هذا القبيل قوله (تعالى) «وترى الجبال تحسبها جامدة، و هي تَمُرُّ مَرَّ
السحاب. صُنع اللَّه الذي أتقن كلّ شيءٍ».[1]
احتمل المفسّرون في تفسير هذه الآية ثلاث احتمالات:
أحدها: كون المقصود تسيير الجبال في طليعة القيامة. و عليه فهذه
الآية على وزان قوله (تعالى): «و إذا الجبال سُيِّرت ...»[2] و قوله (تعالى): «و
سُيِّرت الجبال فكانت سراباً».[3] و قوله (تعالى): «يوم نسيّر الجبال ...».[4]
ثانيها: كونها ناظرة إلى الحركة الجوهرية، و هي تطوّر الموجودات
و تغيّرها و تبدُّلها في وجودها من بدأ خلقتها المادّية إلى منتهى كمالها.
كتطوّرات الانسان من بدأ وجود النطفة إلى زمان الموتِ. و قد ذهب إلى
ذلك بعض متأخري الفلاسفة من علمائنا و تبعه بعض من له المذاق
الفلسفي من المفسّرين.
[1] -/ سورة النمل: الآية 88.
[2] / الرعد: 31.
[3] -/ النبأ: 20.
[4] -/ الكهف: 47