إلى وجوهٍ من براهين وجود الواجب (تعالى).
فمنها: ما يشير إلى برهان العلّة.
كقوله (تعالى) «أم خلقوا من غير شيءٍ أم هم الخالقون»[1].
بتقريب: أنّ خلقهم؛ إما أن ينتهي إلى علة أو يكون بلا علة. و لا ريب
في بطلان الثاني. و على الأوّل إمّا أنّهم هم العلة لايجاد أنفسهم، و هو
باطل أيضاً، أو غيرهم. و ذلك الغير لابد أن لا يكون مثلهم في الاحتياج
إلى العلة، و إلّايلزم الدور أو التسلسل. و العلة التي لا تحتاج إلى علّةٍ في
الايجاد هو واجب الوجود بالذات. و هذا البرهان أشبه ببرهان
الصديقين.
و حاصل الكلام أنّ هذه الآية قد دلّت بقرينة المقابلة على الدوران-
عند انكار الخالق الواجب الوجود لذاته- بين كون الناس خالقين
لأنفسهم و بين كونهم مخلوقين من غير سبب. و لمّا كان كلاهما
مستحيلين بالبداهة العقلية، سأل عنهما بالاستفهام الانكاري. و دلّ
بطريق على الحصر العقلي علي وجود الخالق الواجب لذاته.
و من ذلك قوله تعالى:
«أفمن يخلق كمن لا يخلُق أفلا تذكّرون»[2]؛ بتقريب أنّ كل مخلوق ممكن
[1] -/ الطور: 35.
[2] -/ النحل: 17.