بامتناع اتصال المحرّكات لا إلى نهاية على وجود محرّكٍ أوّلٍ غير
متحرّك، ثم يستدلّون من ذلك على وجود مبدءٍ أوّلٍ.
و أما الالهيون فيستدلّون بالنظر في الوجود و أنّه واجب أو ممكن
على إثبات واجب، ثم بالنظر فيما يلزم الوجوبَ و الامكان[1] على
صفاته. ثم يستدلون بصفاته على كيفية صدور أفعاله عنه واحداً بعد
واحد.
فذكر الشيخ ترجيح هذه الطريقة على الطريقة الاولى بأنّه أوثق و
أشرف. و ذلك لأنّ أولى البراهين باعطاء اليقين هو الاستدلال بالعلّة على
المعلول، و أما عكسه الذي هو الاستدلال بالمعلول على العلّة فربما لا
يعطي اليقين، و هو إذا كان للمطلوب علّة لايُعرف إلّابها، كما تبين في
علم البرهان. ثم جعل المرتبتين المذكورتين في قوله (تعالى): «سنريهم
آياتنا ...» أعنى مرتبة الاستدلال بآيات الآفاق و الأنفس على وجود الحق.
و مرتبة الاستشهاد بالحق على كل شىءٍ بازاء الطريقتين. و لمَّا كان
طريقة قومه أصدق الوجهين وَسَمهم بالصديقين. فانّ الصديق هو
ملازم الصدق».[2]
[1]-/ أي لوازم الوجوب و الامكان.
[2] -/ شرح الاشارات: مطبعة قدس، ج 3، ص 66.