هذا، ولكن الأظهر أن يكون المقصود من قوله عليه السلام: «بمضادته بين
الأشياء المتضادّة ...»:
أنّ بايجاده الأشياء المتضادّة يُعرف أنّه لا ضدّ له من بين المخلوقات
كالتضادّ الموجود بين المخلوقات، بمعنى أنّ المخلوقات كما يكون
بعضها ضدّاً لبعضها الآخر، لايكون لذات الباري تعالى ضدّاً من هذا
القبيل.
و ذلك لأنّه تعالى أوجد الأشياء المتضادّة بمالها من التضاد. فكلّها
في رتبة معلولات ذات الباري. و ذاته المقدسة في رتبة علّتها. و يمتنع
وجود المعلول في مرتبة علّته. فمن هنا يستحيل أن يكون من بين
الأشياء المتضادّة ما هو ضدٌّ له تعالى.
و لا يكون المقصود إيجاد صفة التضاد بحياله و استقلاله؛ لأنّ
الضدّية صفة انتزاعية محضة، و لا وجود في الخارج إلّاذوات الأشياء
المتضادّة بأنفسها.
و ما رواه في الكافي باسناده عن الكاظم عليه السلام: «أوّل الديانة به (تعالى)
معرفته، و كمال معرفته توحيده، و كمال توحيده نفي الصفات عنه؛ بشهادة
كل صفةٍ أنها غير الموصوف و شهادة الموصوف أنّه غير الصفة و شهادتهما
جميعاً بالتثنية الممتنع منه الأزل».[1]
[1] -/ اصول الكافي: ج 1، ص 140.