و الذي نشعر به بوجداننا أن الإرادة عبارة عن البناء و
التصميم القلبي و ليست هي الشوق المؤكد و إن كان الشوق ربما يكون مقدمة لذلك
أحيانا.
و هي على هذا الأساس فعل
نفسي و ليست صفة من صفات النفس، كما هو الحال بناء على تفسيرها بالشوق المؤكد.
و دليلنا على التفسير
المذكور أن الإنسان ربما يريد شيئا و هو ليس بمشتاق له، كبيع دار عزيزة عليه لبعض
نوائب الزمان.
و على هذا فالإرادة
عملية تعقب الشوق في كثير من الأحيان، و ربما تنفك عنه.
و ربما يظهر من السيد
الطباطبائي ذلك، أي تفسيرها بأمر متأخر عن الشوق و ليس به نفسه.[1]
ثمّ إنه بناء على هذا
تكون الإرادة اختيارية لأن أفعال النفس بشكل عام أمور اختيارية.
و ثانيا: أنه لو تنزلنا
و سلّمنا بتفسير الإرادة بالشوق فنقول: إن كون الشوق أمرا غير اختياري أوّل
الكلام، فإنه بالتأمل في عواقب الشيء أو ايجابياته ربما يزول الشوق كما ربما
يحصل.
و أحسن منبّه على ذلك
حبّ أهل البيت عليهم و مودتهم، فإنهما واجبان، و ما ذاك إلّا دليل على اختياريتهما
من خلال ملاحظة فضائلهم و مناقبهم، و من الواضح أن الشوق إن لم يكن عين الحب و
المودة فهو مقارب لهما.
هذه هي المقدمة الصغيرة
التي أردنا بيانها قبل عرض الفكر الثلاث المتقدمة.
______________________________
(1)
نهاية الحكمة: 121 و 122.