مسألة الجبر و الاختيار
مسألة ذات أبعاد واسعة، و نحن لا نريد التعرض إلى أدلة القولين، فإن ذلك بحث كلامي
أو فلسفي، و من أحبّ الاطلاع فبإمكانه مراجعة كشف المراد عند البحث عن أفعاله
سبحانه تحت عنوان (إِنَّا لَفاعِلُونَ)، حيث ذكرت تسعة أدلة على الجبر،[1] كما أشير إلى
بعضها في نهاية الحكمة[2] و بداية
الحكمة،[3] إلّا أنه
نريد أن نذكر هنا ثلاث شبه من شبه الجبرية لتسريها إلى كلمات بعض الأصوليين.
الشبهة الأولى:
إن هناك قاعدة مسلّمة
لدى الحكماء تقول: الشيء ما لم يجب لا يوجد،[4]
و طبقا لهذه القاعدة يلزم أن تكون أفعالنا واصلة إلى درجة الوجوب و الضرورة، و من
الواضح أن الوجوب لا يتلائم مع الاختيار بل مع الاضطرار و إنما المتلائم مع الاختيار
هو الإمكان، كما هو واضح.
و قد أجاب غير واحد من
الفلاسفة و الأصوليين بأن القاعدة المذكورة لا تعمّ الأفعال الاختيارية أو بالأحرى
لا تتنافى مع الاختيار لأن الوجوب الناشئ من السلطنة و الاختيار عين السلطنة و
الاختيار
(2) نهاية الحكمة:
الفصل الرابع عشر من المرحلة الثانية عشرة/ 302.
(3) بداية الحكمة:
البحث عن قدرة اللّه سبحانه/ 181.
(4) باعتبار أنه إذا
لم يصل إلى درجة الوجوب فهو ممكن، و نسبة الإمكان إلى طرفي الوجود و العدم هي على
حدّ سواء، و معه كيف ترجّح الوجود و لم ينعدم الشيء؟ إن ترجّح الوجود على العدم
خلف فرض كون الشيء ممكنا و ذا نسبة متساوية إلى الوجود و العدم.
[2] نهاية الحكمة: الفصل الرابع
عشر من المرحلة الثانية عشرة/ 302.
[3] بداية الحكمة: البحث عن قدرة
اللّه سبحانه/ 181.
[4] باعتبار أنه إذا لم يصل إلى
درجة الوجوب فهو ممكن، و نسبة الإمكان إلى طرفي الوجود و العدم هي على حدّ سواء، و
معه كيف ترجّح الوجود و لم ينعدم الشيء؟ إن ترجّح الوجود على العدم خلف فرض كون
الشيء ممكنا و ذا نسبة متساوية إلى الوجود و العدم.