ثم
إن المرسلة المتقدمة عن الفقيه دلت على كراهة كسب الماشطة- مع شرط الأجرة المعينة
و حكي الفتوى به عن المقنع و غيره. و المراد بقوله ع إذا قبلت ما تعطى البناء على
ذلك حين العمل و إلا فلا يلحق العمل بعد وقوعه ما يوجب كراهته.
[الحكمة
في أولوية قبول ما يعطاه الحجام و الختان و الماشطة]
ثم
إن أولوية قبول ما يعطى و عدم مطالبة الزائد إما لأن الغالب عدم نقص ما تعطى عن
أجرة مثل العمل إلا أن مثل الماشطة و الحجام و الختان و نحوهم كثيرا ما يتوقعون
أزيد مما يستحقون خصوصا من أولي المروءة و الثروة و ربما يبادرون إلى هتك العرض
إذا منعوا و لا يعطون ما يتوقعون من الزيادة أو بعضه إلا استحياء و صيانة للعرض. و
هذا لا يخلو عن شبهه فأمروا في الشريعة الإسلامية بالقناعة بما يعطون و ترك مطالبة
الزائد فلا ينافي ذلك جواز مطالبة الزائد و الامتناع عن قبول ما يعطى إذا اتفق
كونه دون أجرة المثل و إما لأن المشارطة في مثل هذه الأمور لا يليق بشأن كثير من
الأشخاص لأن المماكسة فيها خلاف المروءة و المسامحة فيها قد لا تكون مصلحة لكثرة
طمع هذه الأصناف فأمروا بترك المشارطة و الإقدام على العمل بأقل ما يعطى و قبوله و
ترك مطالبة الزائد مستحب للعامل و إن وجب على من عمل له إيفاء تمام ما يستحقه من
أجرة المثل فهو مكلف وجوبا بالإيفاء و العامل مكلف ندبا بالسكوت و ترك المطالبة
خصوصا على ما يعتاده هؤلاء من سوء الاقتضاء أو لأن الأولى في حق العامل قصد التبرع
بالعمل و قبول ما يعطى على وجه التبرع أيضا فلا ينافي ذلك ما ورد من قوله ع: لا
تستعملن أجيرا حتى تقاطعه