لكن
الإنصاف أن لا دلالة فيها على جواز اشتراء خط المصحف و إنما تدل على أن تحصيل
المصحف في الصدر الأول كان بمباشرة كتابته ثم قصرت الهمم فلم يباشروها بأنفسهم و
حصلوا المصاحف بأموالهم شراء و استئجارا و لا دلالة فيها على كيفية الشراء و أن
الشراء و المعاوضة لا بد أن لا تقع إلا على ما عدا الخط من القرطاس و غيره. و في
بعض الروايات دلالة على أن الأولى- مع عدم مباشرة الكتابة بنفسه أن يستكتب بلا شرط
ثم يعطيه ما يرضيه مثل رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله ع قال:
إن أم عبد الله بن الحارث أرادت أن تكتب مصحفا فاشترت ورقا من عندها و دعت رجلا
فكتب لها على غير شرط فأعطته حين [67] فرغ خمسين دينارا و أنه لم تبع المصاحف إلا
حديثا
[رواية
عنبسة الوراق و توجيها]
و
مما يدل على الجواز رواية عنبسة الوراق قال: قلت لأبي عبد الله ع أنا رجل أبيع
المصاحف فإن نهيتني لم أبعها قال أ لست تشتري ورقا و تكتب فيه قلت بلى و أعالجها
قال لا بأس بها و هي و إن كانت ظاهرة في الجواز إلا أن ظهورها من حيث السكوت عن
كيفية البيع في مقام الحاجة إلى البيان فلا تعارض ما تقدم من الأخبار المتضمنة
للبيان و كيف كان فالأظهر في الاخبار- ما تقدم من الأساطين المتقدمة إليهم
الإشارة.
بقي
الكلام في المراد من حرمة البيع و الشراء
بعد
فرض أن الكاتب للمصحف في الأوراق المملوكة مالك للأوراق و ما فيها من النقوش فإن
النقوش إن لم تعد من الأعيان المملوكة بل من صفات النقوش التي تتفاوت قيمته
بوجودها و عدمها فلا حاجة إلى النهي عن بيع الخط فلا يقع بإزائه جزء من الثمن حتى
يقع في حيز البيع- و إن عدت من الأعيان المملوكة فإن فرض بقاؤها على ملك البائع
بعد