و ذكر في
جامع المقاصد أن الجعل من المتحاكمين للحاكم رشوة و هو صريح الحلي أيضا في مسألة
تحريم أخذ الرشوة مطلقا و إعطائها إلا إذا كان على إجراء حكم صحيح فلا يحرم على
المعطي هذا و لكن عن مجمع البحرين قلما تستعمل الرشوة إلا فيما يتوصل به إلى إبطال
حق أو تمشية باطل و عن المصباح هي ما يعطيه الشخص للحاكم أو غيره ليحكم له أو
يحمله على ما يريد و عن النهاية أنها الوصلة إلى الحاجة بالمصانعة و الراشي الذي
يعطي ما يعينه على الباطل و المرتشي الآخذ و الرائش هو الذي يسعى بينهما ليزيد
لهذا أو ينقص لهذا و مما يدل على عدم عموم الرشا لمطلق الجعل على الحكم ما تقدم في
رواية عمار بن مروان من جعل الرشا في الحكم مقابلا لأجور القضاة خصوصا بكلمة إما.
[عدم
اختصاص الحرمة بما يبذل على الحكم الباطل]
نعم
لا يختص بما يبذل على خصوص الباطل بل يعم ما يبذل لحصول غرضه و هو الحكم له حقا
كان أو باطلا و هو ظاهر ما تقدم عن المصباح و النهاية. و يمكن حمل رواية يوسف بن
جابر على سؤال الرشوة للحكم للراشي حقا أو باطلا أو يقال إن المراد الجعل فأطلق
عليه الرشوة تأكيدا للحرمة.
[حرمة
أخذ الحاكم للجعل مع تعين الحكومة عليه]
و
منه يظهر حرمة أخذ الحاكم للجعل من المتحاكمين مع تعين الحكومة عليه كما يدل عليه
قوله ع احتاج الناس إليه لفقهه و المشهور المنع مطلقا بل في جامع المقاصد دعوى
النص و الإجماع و لعله لحمل الاحتياج في الرواية على الاحتياج إلى نوعه و لإطلاق
ما تقدم في رواية عمار بن مروان من جعل أجور القضاة من السحت بناء على أن الأجر في
العرف يشمل الجعل أيضا و إن كان بينهما فرق عند المتشرعة.