responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الخطب الأربع نویسنده : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    جلد : 1  صفحه : 61

وبمثل هذه التعاليم، وبمثل هذه الفضائل، بلغ أصحابه ما بلغوا، وتغلبوا على أقوى مملكتين في ذلك العصر- مملكة الفرس والروم- في أقل من عقدين، مع قلة العدة والعدد، وأكثرهم إعراب أميون، لا حضارة عندهم ولا صناعة، ولا علوم ولا فنون، ولا أسلحة منظمة ولا قوة .. ولكن كانت قوة الإيمان واليقين بالله والثقة به أعظم سلاح وأكرم جناح يتسابقون إلى رضوان الله في الآخرة وشرف العز والكرامة في الدنيا.

فمن تدبّر في أحوال تلك الفئة، وكيف كانوا وكيف تقدموا، عرف جلياً ما للأخلاص والصدق، وما للجد وأحتقار هذه الحياة الدنيا، من عظيم التأثير والنجاح الخطير، وإن المدار في الغلبة ليس على كثرة العدد وتوفير العدة وقوة السلاح، وإنما المدار على صحة الإيمان وقوة العزائم وصدق النية [رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ‌] فبلغهم الله ما تسامت نفوسهم إليه.

هذه عبر باهرة .. ولكن أين المعتبرون؟.

نقرأ الكتب، وتمر بنا الحوادث، ونحن في غمرة ساهون .. [بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ‌]. تمر بنا الحوادث، وتسنح الفرص، ولا نأخذ الفائدة منها. وتضييع الفرصة غصة. يمر الكلام على آذاننا ولا يمس ولا طرفاً من قلوبنا، يمر علينا وهو منطلق كالهواء، فلا يؤثر في أحوالنا وأعمالنا شيئاً. استولى الخور والفشل والضعف على كل مشاعرنا وجوارحنا، فجفّت العزائم وماتت الهمم.

الغيرة والهمة العالية أساس كل خير ومفتاح كل نجاح، فإذا أستنهضتم همتكم وحفزتم غيرتكم بلغتم ما تريدون، ولكن لا تجتمع الغيرة والإنهماك في الشهوة أبداً. أحذروا هذه المدنية اللماعة الخدّاعة الزائفة الجائفة، التي ما جاءوا بها إليكم إلَّا لسلب شرفكم وغيرتكم فضلًا عن سلب أموالكم. أتحسبون إن السينمات في بلادهم هي على هذا النحو الذي في بلادكم؟ .. كلا! فإنها في بلادهم منظمة على أصول علمية وغايات أخلاقية ومشاهدات فنية ... على العكس من التي عندكم المفسدة لأخلاق فتيانكم وفتياتكم. أين العقول الصافية والقرائح الوقّادة التي تدرك من كل شي‌ء مغزاه ولا ينخدع بالظواهر والمظاهر؟.

نام کتاب : الخطب الأربع نویسنده : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    جلد : 1  صفحه : 61
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست