ومن الأمور التي تترتب على القاعدة المذكورة هو الحكم
بالبراءة من التكليف عند الشك فيه لتقبيح العقل العقاب بلا بيان. وهذا الحكم هو
المسمى بأصل البراءة العقلية وبأصالة النفي وبالبراءة الأصلية. وقد استوفى الكلام
في ذلك علماء الأصول (رحمهم الله).
ومن الأمور التي تترتب
على القاعدة المذكورة هو الحكم باشتغال الذمة عند العلم بالتكليف لحكم العقل بأن
الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني من جهة تقبيحه لترك امتثال التكليف
المعلوم بالإجمال. وهذا الحكم يسمى بالاحتياط وبالاشتغال.
ومن الأمور التي تترتب
على القاعد المذكورة مسألة التكليف بالمحال وبما لا يطاق حيث منع منها العدلية
لتقبيح العقل ذلك وأجازه الأشاعرة، وسيجيء إن شاء الله البحث فيه في اشتراط
القدرة في التكليف.
ومن الأمور التي تترتب
على القاعدة المذكورة تعليل أفعال الله تعالى بالأغراض لأن الفعل الخالي عن الغرض
عبث يقبّح العقل صدوره من الحكيم خلافاً للأشاعرة فجوّزوا ذلك على الله تعالى.
ومن الأمور التي تترتب
على القاعدة المذكورة أن الأفعال قبل الشرع محكومة بحكم، لأن ما كان منها يدرك جهة
حسنه أو قبحه بالعقل ينقسم إلى الأقسام الخمسة، فإن كان مشتملًا تركه على مفسدة
فهو حسن يجب فعله، وما كان مشتملًا فعله على مفسدة فهو حرام، وإن اشتمل فعله على
مصلحة فهو مندوب، وإن اشتمل تركه على مصلحة فمكروه، وإن لم يشتمل أحد طرفيه على مفسدة
ولا مصلحة أو كانا متساويين فمباح. وأما ما لا يدرك جهة حسنه أو قبحه بالعقل فلا
يحكم فيه العقل قبل الشرع بحكم بعنوانه الخاص حيث لم يعرف فيه جهة تقتضيه. نعم