حيث له ثبوت ما، لأنّ الإثبات يقتضي ثبوت شيء. حتّى يثبت به شيء.

و لهذا لا يصحّ أن يقال: «إنّه من حيث هو معدوم فلان، بل من حيث له ثبوت فى الذّهن» ، و لجواز نفى كلّ ما هو غير الثّابت عنه من حيث هو غير ثابت، بخلاف إثبات كلّ ما يغايره عليه من تلك الحيثيّة، بل إثبات كلّ شيء ممّا يغايره عليه من تلك الجهة، اللّهمّ إلاّ إذا كان شيئا عدميّا أو محالا.

قيل: إنّ موضوع السّالبة أعمّ من موضوع الموجبة. و لغفلة الجمهور عن هذه الحيثيّة، لدقّتها و غموضها، ظنّ أنّ العموم إنّما هو لجواز كون موضوع السّالبة معدوما فى الخارج دون الموجبة. و لا يصحّ ذلك إلاّ أن يؤوّل بما ذكرنا.

و يقال: مرادهم منه: أنّ السّلب يصحّ عن المعدوم من حيث معدوم دون الإيجاب، فيستقيم و يندفع الإشكال عن كلامهم.

فتمحّض بما ذكر: أنّ المراد بوجود الموضوع فى الموجبة و السّالبة [50]شيء واحد، و هو تمثّله فى وجود أو ذهن، ليحكم عليه بحسب تمثّله، و أنّ السّالبة البسيطة إنّما تكون أعمّ من الموجبة المعدولة المحمول إذا كان موضوعها غير ثابت و أخذ من حيث هو غير ثابت، لاستحالة إثبات عدم محمول السّالبة لموضوعها من حيث هو غير ثابت أو منتف، لتوقّف إثبات الشّيء للشّيء على ثبوته فى نفسه. و أمّا إن لم يؤخذ من حيث هو غير ثابت، بل أخذ من حيث إنّ له ثبوتا فى الذّهن، فيمكن إثبات عدم محمول السّالبة لموضوعها من حيث له ثبوت، و يتلازمان حينئذ.

لكن نحن لا نأخذ موضوع السّالبة من حيث هو غير ثابت، بل من حيث هو ثابت، أى متمثّل فى وجود أو ذهن، على ما هو المصطلح و المتعارف، و على هذا يتلازمان فى جميع القضايا شخصيّة كانت أو محصورة.

لكنّ المصنّف أيضا لما ذهل عن [هذه]الحيثيّة الّتي غفل عنها الجمهور، لم يحكم بتلازمهما فى جميع القضايا، بل حكم بتلازمهما فى المحصورة دون الشّخصيّة، بناء على ما ذهب إليه من اشتمال موضوع المحصورة على عقد حمل