وسألوا عمر
أن يعفيهم فخشي أن يلحقوا بالروم، فصالحهم على أن صرف ذلك عن رؤوسهم، وضاعف عليهم
الصدقة"[1]. دلّت
الرواية على أنّ الصدقة كانت تُؤخذ منهم كما تُؤخذ من غيرهم من المسلمين إلى جانب
ما كان يؤخذ منهم من الجزية، فلمّا صرف عمر الجزية عن رؤوسهم؛ ضاعف عليهم الصدقة
التي كانت تُؤخذ منهم من قبل.
وممّا
يدلّ على ذلك أيضاً: ما رواه الكلينيّ بسند صحيح:" عن محمّد بن مسلم، قال:
سألت أبا عبدالله (ع) عن صدقات أهل الذمّة وما يُؤخذ من جزيتهم من ثمن خمورهم
وخنازيرهم وميتتهم .."[2]. دلّ هذا
الحديث أيضاً على أنّ أهل الذّمة كانوا يعطون الصدقات لبيت مال المسلمين كما كان
المسلمون يعطونها، وكانت الجزية فرضاً مالياً زائداً على ما كان يؤخذ منهم من
الصدقة الواجبة.
وأمّا
ما ورد في الصحيح عن أبي جعفر الباقر (ع):" في أهل الجزية يُؤخذ من أموالهم
ومواشيهم شيء سوى الجزية؟ قال: لا"[3]،
فالمقصود به: الجزية التي تشتمل على الخمس والزكاة، فإنّ الظاهر من مجموع الآية[4]
وروايات الجزية أنّ الإمام يراعي في حدّ الجزية حال أهلها، فإن بلغت أموالهم
النصاب الشرعيّ المعيّن للزكاة والخمس؛ جعل الجزية عليهم بالمقدار الذي يشتمل على
الزكاة والخمس، كالنصف والثلث والربع، وإن نقصت أموالهم عن ذلك؛ جعل عليهم من
الجزية ما يطيقون، وله- إن رأى المصلحة في ذلك والطاقة فيهم- أن يجعل في أموالهم
ما يزيد على مقدار الخمس والزكاة، وهذا معنى ما ورد في صحيح زرارة من قول أبي
عبدالله (ع)