تعذّر يبقى الجنس، لأنّها
قاعدة شرعية و إنّما تجري في الأحكام الشرعية المجعولة للشارع و لا مسرح لها في
مجعولات النّاس، كما أشرنا إليه سابقا، مع أنّ الجنس لا يعد ميسورا للنوع فمحلها
المركبات الخارجية إذا تعذّر بعض أجزائها و لو كانت ارتباطية، بل لأنّ الظاهر من
حال الموصي في أمثال المقام إرادة عمل ينفعه، و إنّما عيّن عملا خاصا لكونه أنفع
في نظره من غيره فيكون تعيينه لمثل الحج على وجه تعدّد المطلوب و إن لم يكن
متذكّرا لذلك حين الوصية، نعم لو علم في مقام كونه على وجه التقييد في عالم اللبّ
أيضا يكون الحكم فيه الرجوع إلى الورثة، و لا فرق في الصورتين بين كون التعذّر
طارئا أو من الأوّل.
و
يؤيّد ما ذكرنا ما ورد من الأخبار في نظائر المقام، بل يدلّ عليه خبر علي بن سويد
عن الصادق عليه السّلام: قال «قلت: مات رجل فأوصى بتركته أن أحج بها عنه فنظرت في
ذلك فلم تكف للحج فسألت من عندنا من الفقهاء فقالوا: تصدق بها، فقال عليه السّلام:
ما صنعت؟ قلت: تصدقت بها، فقال عليه السّلام: ضمنت إلّا أن لا تكون تبلغ أن يحج
بها من مكّة فإن كانت تبلغ ان يحج بها من مكة فأنت ضامن».
و
يظهر ممّا ذكرنا حال سائر الموارد الّتي تبطل الوصية لجهة من الجهات.
هذا
في غير ما إذا أوصى بالثلث و عيّن له مصارف و تعذّر بعضها، و أمّا فيه فالأمر أوضح
لأنّه بتعيينه الثلث لنفسه أخرجه عن ملك الوارث بذلك فلا يعود إليه.
الأمر
بما عينه من الحج عنه، و إن لم يمكن ذلك فبأمر آخر يصل إليه ثوابه. و هذه القرينة
العامة توجب هذا الظهور في مقامات نظير الوصية و الأمر أوضح إذا أوصى بتمام ثلثه و
عين له مصارف تعذر بعضها بعد موته، فانها تصرف في سائر موارد الخير و لا ترجع إلى
الوارث، و لا فرق في ذلك بين جريان العذر بعد موته أو كان ذلك قبل موته ايضا، و
يؤيد ما ذكر رواية علي بن مزيد قدّس سرّه صاحب السابري، قال: «أوصى إليّ