و لو رجعا بعد الحكم و قبل
الاستيفاء، فإن كان حدّا للّه نقض الحكم (1) (1) المشهور عند الأصحاب أنّه إذا رجع الشهود بموجب الحد عن شهادتهم
بعد الحكم و قبل الاستيفاء ينقض الحكم، بلا فرق بين كون الحدّ من حق اللّه المحض
أو غيره، و عللوا ذلك بأنّ الحدود مبنيّة على التخفيف و تدرء بالشبهة و رجوع
الشاهد عن شهادته يحسب شبهة، بل ألحقوا بالحدود القصاص فإنّ القتل خطره عظيم و
مورد للاحتياط.
و
صرّح بعضهم انّ الساقط بالرجوع نفس الحدّ لا سائر ما يترتب على ارتكاب الموجب، من
نشر الحرمة و انتقال ماله إلى ورثته، كما إذا شهدا بالارتداد و رجعا عن شهادتهما
بعد الحكم، فإنّ الساقط قتل المشهود عليه بالارتداد لا انتقال أمواله إلى ورثته و
اعتداد زوجته.
و
إذا ألحق القصاص بالارتداد في سقوطه برجوع الشاهدين أو أحدهما، فهل يطالب المشهود
عليه بالدّية أو لا يطالب بشيء، فإنّ الدّية تطالب بالمصالحة في مورد القصاص أو
لثبوت الموضوع لها و هو القتل خطأ، و المفروض عدم ثبوته و عدم المورد للمصالحة
لفقد القصاص.
و
لكن يقال: أنّ نقض الحكم برجوعهما قبل الاستيفاء ينافي ما دلّ على نفوذه، و مع
الدليل على نفوذ الحكم لا شبهة في البين بحسب الظاهر، و أمّا الشبهة واقعا فهي
تجري حتى في صورة عدم رجوع الشهود عن شهادتهم، و لعلّه لذلك تردّد في نقض الحكم
قبل الاستيفاء الفاضلان و فخر المحققين.
بل
قيل بأنّه لو أجاز نقض الحكم قبل الاستيفاء برجوع الشاهد جرى جواز النقض في
العقوبات التي لا تدخل في الحدود كالقتل و الجرح قصاصا، و في الفروج لعظم خطرها و
عدم استدراك فائت البضع.