و ربّما توهّم واهم: أنّ
الصغائر لا تطلق على الذنب إلّا مع الإحباط (1)، و هذا بالإعراض عنه حقيق، فإن
إطلاقها بالنسبة و لكل فريق اصطلاح.
(1)
و في مقابل القول بتقسيم المعاصي إلى الكبائر و الصغائر، قول بأنّ كل المعاصي
كبيرة و إطلاق الصغيرة على بعضها بالإضافة إلى بعضها الآخر بحسب الوزر، و قول ثالث
بأنّ إطلاق الصغيرة على معصية مبني على الإحباط، فكل معصية أحبطتها الطاعة فهي
صغيرة و كل طاعة أحبطها المعصية فهي كبيرة، و لا يخفى ما في كل من القولين
لمخالفتهما لظاهر الآية و الروايات.
نعم،
في صحيحة الحلبي عن أبي عبد اللّه- عليه السلام- الواردة في القنوت في صلاة الوتر:
و استغفر لذنبك العظيم، ثمّ قال: و كل ذنب عظيم».
لكنها
لا تنافي الآية و لا سائر الروايات، لأنّ تقسيم المعاصي إلى الكبيرة و الصغيرة
بالإضافة إلى العفو عن عقوبتها الأخروية بنحو الوعد، بمعنى انّ من مضى من الدار الغرور
و ليس عليه وزر الكبيرة و وزر الإصرار على الصغائر من المؤمنين، و عدهم اللّه
سبحانه عفوه عن أوزار سائر معاصيه.
و
أمّا بالإضافة إلى لزوم الاستغفار بعد الذنب فلا صغيرة، بل على الإنسان أن يرتدع و
يتوب إلى بارئه ففي مقام الاستغفار كل ذنب عظيم كما مرّ.
بقي
أمر، و هو: ان العفو عن أوزار الصغائر مع عدم الكبيرة و مع عدم الإصرار بنحو
الوعد، و أمّا العفو عن الكبائر و الإصرار على الصغائر بلا توبة فهو أمر يرجى و لا
ييأس من روح اللّه و غفرانه و تقع الشفاعة من أولياء اللّه من الأنبياء و الرسل و
الأوصياء و الشهداء و الصالحين، و في مقدمتهم نبينا الأكرم- صلوات اللّه و سلامه
عليه- و أهل بيته المعصومين- صلوات اللّه و سلامه عليهم أجمعين إلى أبد الآبدين-
اللّهمّ اجعلنا ممّن ينال رحمتك و شفاعتهم، آمين يا ربّ العالمين.