فإنّه يقال: نعم، التوبة كما
ذكر، و ظاهر بعض الروايات إنّ وجوبها إرشادي، و لكن هذا لا ينافي ان تجب على مكلّف
يكون مجتنبا عن الكبيرة و الإصرار على الصغيرة، لأنّ النفس لا تدري ما ذا تكسب
غدا، فلعلّه ابتلى بكبيرة و لم يوفق بالتوبة عنها، و يلزم في إحراز كونه عدلا في
دينه التوبة من صغيرة ارتكبها، كما هو ظاهر الأمر بالتوبة من الذنوب و الاستغفار
عنها و إن كل ذنب عظيم.
ثمّ
إنّ ظاهر صحيحة عبد العظيم الحسني[1] و غيرها
ممّا ورد في تعيين الكبائر، أنّها معاصي مخصوصة و قد وعد اللّه سبحانه في كتابه
العزيز العفو عن عقوبة غيرها مع الاجتناب عنها و ترك الإصرار على غيرها.
و
في صحيحة محمد بن أبي عمير المروي في كتاب التوحيد قال: «سمعت موسى بن جعفر- عليه
السلام- يقول: من اجتنب الكبائر من المؤمنين لم يسأل عن الصغائر- إلى أن قال:- قال
النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لا كبير مع الاستغفار و لا صغير مع الإصرار[2].
و
ظاهر الإصرار على الصغيرة الاستمرار عليها من غير أن يرتدع، و ما في رواية جابر[3]
هو، أن يذنب فلا يستغفر اللّه و لا يحدث نفسه بالتوبة الصادق مع عدم تكرارها، لا
يمكن الالتزام به، لضعفها سندا و لاستلزامه عدم الفرق بين الصغيرة و الكبيرة، و مع
الغمض عن السند يحمل على عدم الارتداع بعد التكرار.
[1] الوسائل: 11، الباب 46 من أبواب جهاد النفس،
الحديث 2: 252.
[2] المصدر نفسه: الباب 47 من أبواب جهاد النفس،
الحديث 11: 266.
[3] المصدر نفسه: الباب 85 من أبواب جهاد النفس،
الحديث 4: 268.