و لا يحلف المدّعى عليه إلّا
بعد سؤال المدّعي لأنّه حق له فيتوقف استيفاؤه على المطالبة، و لو تبرّع هو أو
تبرع الحاكم بإحلافه لم يعتدّ بتلك اليمين و أعادها الحاكم إن التمس المدّعي.
قوله
صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «إنّما أقضي بينكم بالبينات و الأيمان»[1]،
و ليست ناظرة إلى عدم الحاجة إلى الحكم بمجرّد حصول الحلف، كما أنّ ما دلّ على
ثبوت الحق بالبيّنة لا ينفي التوقف على الحكم في موارد المخاصمة. و المتحصل أنّ
طلب اليمين حق للمدعي على المنكر، فمع عدم إقامته البينة بدعواه فله مطالبة المنكر
باليمين، و له حق تأخير الواقعة و إيقافها كما هو ظاهر الموثقة.
و
لا يبعد أن يقال: إنّ هذا فيما إذا كانت دعواه ثبوت الحق له، كما هو ظاهرها و ظاهر
غيرها. و أمّا إذا كانت دعواه سقوط ما كان عليه من حق الغير، كما إذا ادعى أداء ما
كان من دين الغير عليه الثابت باعترافه أو بالبينة، و أنكر الدائن أدائه فإن لم
يقم البينة بالأداء و لم يرض بيمين الدائن لإرادته تأخير الواقعة و إيقاف الحكم
فللحاكم إحلاف الدائن على عدم الأداء و حكمه ببقاء الدين.
و
في صحيحة سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه- عليه السلام- قال: في كتاب علي- عليه
السلام-: «إنّ نبيا من الأنبياء شكا إلى ربّه فقال: يا ربّ كيف اقضي فيما لم أر و
لم أشهد؟ قال: فأوحى اللّه إليه: احكم بينهم بكتابي و أضفهم إلى اسمي فحلّفهم به،
و قال: هذا لمن لم تقم له بينة»[2] فإنّ
ظاهرها كظاهر غيرها انّ التحليف وظيفة الحاكم مع عدم إقامة المدعي البينة، فيرفع
اليد عن الإطلاق بمطالبة المدعي فيما كان دعواه ثبوت حق له على الغير و يؤخذ في
غيره بالإطلاق.
[1] الوسائل: ج 18، الباب 2 من أبواب كيفية الحكم،
الحديث 1: 169.
[2] المصدر نفسه: الباب 1 من أبواب كيفية الحكم،
الحديث 1: 167.