ثمّ المنكر إمّا أن يحلف أو
يردّ أو ينكل، فإذا حلف سقطت الدعوى و لو ظفر المدّعي بعد ذلك بمال الغريم لم تحلّ
له المقاصّة (1) و لو عاود المطالبة أثم و لم (1) أمّا سقوط الدعوى و عدم سماع تجديدها فقد تقدم الكلام فيه و
أنّه مقتضى نفوذ القضاء و عدم سماع البينة بعده، و أمّا عدم جواز المقاصّة من مال
الغريم فتدل عليه موثقة ابن أبي يعفور المتقدمة حيث ذكر- عليه السلام- فيها: «و
كانت اليمين قد أبطلت كل ما ادّعاه قبله ممّا استحلفه عليه»، و لكن بما أنّ القضاء
بحلف المنكر أو بغيرها لا يغيّر الواقع عمّا هو عليه لقول رسول اللّه صلّى اللّه
عليه و آله و سلّم: «إنّما أقضي بينكم بالبينات و الأيمان، و بعضكم ألحن بحجّته من
بعض آخر، فأيّما رجل قطعت له من مال أخيه شيئا فإنّما قطعت له به قطعة من النار»[1].
يقال:
إنّ المراد بذهاب الحق ذهابه في دار الدنيا، بمعنى أنّه لا يجوز له في دارها ترتيب
آثار الحق له من جواز المطالبة و التقاص به، و في خبر خضر النخعي المتقدم: «و ان
استحلفه فليس له أن يأخذ شيئا و ان تركه و لم يستحلفه فهو على حقه»، و نحوه ما في
خبر عبد اللّه بن وضاح قال: «كانت بيني و بين رجل من اليهود معاملة فخانني بألف
درهم- إلى أن قال:- فكتب أبو الحسن- عليه السلام-: لا تأخذ منه شيئا إن كان ظلمك
فلا تظلمه و لولا أنك رضيت بيمينه فحلفته لأمرتك أن تأخذ من تحت يدك و لكنك رضيت
بيمينه- الحديث»[2]، و لكن
مورد الخبر القضاء غير النافذ كما لا يخفى.
و
في صحيحة سليمان بن خالد قال: «سألت أبا عبد اللّه- عليه السلام- عن رجل وقع لي
عنده مال فكابرني عليه و حلف ثم وقع له عندي مال آخذه لمكان مالي
[1] الوسائل: ج 18، الباب 2 من أبواب كيفية الحكم،
الحديث 1: 169.
[2] المصدر نفسه: الباب 10 من أبواب كيفية الحكم،
الحديث 2: 180.