لكل منهما مع مقتضي الآخر عدم وجود شيء منهما في
الخارج لأنّ كلا منهما يزاحم الآخر ومانع عن تأثيره في إيجاده والحكم بأنّ هذا
مؤثّر دون ذاك ترجيح من غير مرجّح فإذن وجود أحدهما دون الآخر كاشف عن أنّ مقتضيه
تامّ ومؤثّر في إيجاده ومانع عن تأثير مقتضى الآخر فيه.
وأمّا
على الفرض الأول فعدمه مستند إلى عدم مقتضيه وأمّا على الفرض الثاني فهو مستند إلى
ضعف مقتضيه ونقصان فاعليته من جهة اقوائية مقتضى الآخر.
فالنتيجة
أنّ عدم الضدّ في جميع هذه الفروض لا يكون مستنداً إلى وجود الضدّ الآخر بل هو
مستند إمّا إلى عدم ثبوت مقتضيه نهائياً أو إلى ضعفه ونقصان فاعليته من جهة عدم
تحقّق شرطه المتمّم لها.
النقطة
الخامسة: ذكر المحقّق النائيني (قدس سره) أنّه مع وجود أحد الضدّين يستحيل
ثبوت المقتضي للضدّ الآخر معلّلا بأنّ مقتضى المحال محال[1].
وأورد
عليه السيّد الاستاذ (قدس سره) بأنّه لا مانع من ثبوت المقتضي لكل من الضدّين في
نفسه ولا مانع حينئذ من أن يستند عدم أحدهما إلى وجود الآخر لا إلى عدم مقتضيه
وهذا ليس من مقتضى المحال لكي يكون محالا فإنّ المحال إنّما هو ثبوت المقتضي
لاجتماع الضدّين أو النقيضين في شيء واحد فعلا والفرض أنّه ليس هناك ما يقتضي
اجتماعهما فيه كذلك وقد برهن (قدس سره) ذلك بأنّ عدم الضدّ لو استحال استناده إلى
وجود الضدّ الآخر استحال استناد عدم المعلول إلى وجود المانع أيضاً مع أنّ الأمر
ليس كذلك[2].