والذرة والدخن وجميع ذلك»، فقال: إنّهم
يقولون إنّه لم يكن ذلك على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم، وإنّما
وضع على تسعة لمّا لم يكن بحضرته غير ذلك؟ فغضب ثمّ قال: «كذبوا فهل يكون العفو
إلّاعن شيء قد كان، ولا واللَّه ما أعرف شيئاً عليه الزكاة غير هذا، فمن شاء
فليؤمن ومن شاء فليكفر».
فتكون الروايات النافية للزكاة فيما عدا الأصناف التسعة أيضاً صريحة
في النظر إلى نفس العناوين الخاصة الواردة في الروايات المثبتة للزكاة، بحيث لا
يمكن الجمع بينهما بنحو التخصيص والتقييد، بل هو من التعارض بنحو التباين والتي
بحاجة إلى علاج آخر.
وعلى هذا الأساس يكون الموقف من علاج هذا التعارض أحد امور:
الأوّل: ما ذهب إليه مشهور فقهائنا ومنهم السيّد
الماتن قدس سره من الجمع بين الروايات بحمل ما دلّ على النفي على نفي الوجوب، وما
دلّ على الاثبات على الاستحباب؛ لصراحة النفي في عدم الوجوب، فيتقدّم على ظهور
دليل الوجوب، فيحمل على أصل المشروعية والرجحان.
وقد صرّح بهذا الجمع في كلمات الأصحاب منذ الشيخ المفيد وإلى يومنا
هذا كما هو واضح لمن يراجعها.
الثاني: ما احتمله السيّد المرتضى قدس سره من
إمكان حمل الروايات المثبتة على التقية، واختاره بعد ذلك صاحب الحدائق، ومال إليه
بل جعله أشبه المحقق الهمداني في مصباحه.
قال السيّد في الانتصار بعدما ادّعى إجماع الإمامية على أنّ الزكاة
لا تجب إلّا في الأصناف التسعة: (فإن قيل: كيف تدّعون إجماع الإمامية وابن الجنيد