الثلاثة الاخيرة و طوليتها، بمعنى كونها
بنظر الحاكم و تشخيصه في مقام صرف الخمس.
و مما يؤكد هذا الاستظهار ورود نفس التعبير (للّه و للرسول) في آية
الانفال و آية الفيء، مع وضوح ان الانفال و الفيء ملك لمنصب الحاكمية و الامامة
كما هو ظاهر الآية و صريح الروايات، بل في آية الفيء ذكرت نفس العناوين الواردة
في آية الخمس مع تقديم (للّه) في آية الخمس على الخمس و تأخيره عن الفيء في آية
الفيء و لا ينبغي الاشكال في ظهور آية الفيء في بيان ان الاصناف المذكورة فيها
مصرف للفيء لا اكثر، لما في صدرها من التعبير بقوله تعالى
(ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ
خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ وَ لكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ ...) الخ[1] فانه كالصريح في ان الفيء
مما افاءه اللّه و ارجعه على رسوله، حيث ان الاموال للّه خلقها للمؤمنين بالاصل،
كما ان التعبير بتسليط الرسول عليها أيضا دال على انها راجعة إليه، لا الى
المقاتلين و المسلمين، فهذه النكات في صدر الآية الاولى من الفيء واضحة الدلالة
على ان الفيء للّه و للرسول بالمعنى الذي ذكرناه، فيكون ذكر الاصناف في ذيل الآية
الاخرى لبيان المصارف المقررة للفيء الذي جعله اللّه للنبي بما هو ولي و حاكم من
قبل اللّه على الناس، كما يشهد بذلك أيضا ما جاء في ذيل الآية من حكمة او علة هذا
التقسيم، و هو قوله تعالى (كَيْ لا يَكُونَ
دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ)، فان هذا الهدف من
الغايات و السياسات التي تكون من مسئوليات الحاكم في المجتمع، و هي تناسب مع كون
الاصناف مجرد موارد للصرف من اجل تحقيق هذا الهدف، و كذلك ما ورد بعد ذلك من قوله
تعالى (لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ ...
الخ)، و منه يعرف ان الهدف من الخمس ذلك أيضا.