فالانصاف: ظهور ادلة استثناء المئونة في
تعليق نفس الخمس كحق مالي شرعي على عدم الصرف في المئونة، بل لعل تعليق الوجوب
التكليفي- مع فعلية ملكية اصحاب الخمس بحيث يكون تصرف المكلف في مال الغير- امر لا
يستسيغه العرف بحسب ارتكازه، و لا يراه مناسبا مع ادلة الاستثناء الظاهر عرفا في
تقدم حق المالك بمقدار مئونته و مئونة عياله على الخمس كما اشرنا.
و ثالثا- ظهور ذيل صحيحة ابن مهزيار الطويلة (و من كانت ضيعته لا
تقوم بمئونته فليس عليه نصف سدس و لا غير ذلك) في نفي اصل التعلق و الحكم الوضعي
بالمقدار الذي تكون مئونته و لا يفضل عنها، حيث ان المراد من عدم قيام الضيعة
بمئونته، عدم وجود فاضل المئونة لديه، لا عدم الربح اصلا كما لا يخفى.
و رابعا- لازم ذلك وجوب دفع خمس ما يكون مئونته بعد تمام الحول،
لفعلية الحكم الوضعي بملكية صاحب الخمس له، و انما اجيز الصرف في المئونة بمقدار
السنة لا اكثر، و هذا ما لا يلتزم به، اللهم الا ان يكون مفاد استثناء المئونة عن
الحكم التكليفي تملكه بنفس الصرف في المئونة، فيرجع الى تقييد الحكم الوضعي بعدم الصرف
في المئونة، و لكنه بقاء و بنحو الشرط المقارن لا المتأخر، على أنه كاللغو عرفا
فانه أي فائدة في جعل مثل هذه الملكية لأصحاب الخمس حدوثا، بل لعل ظهور دليل
الاستثناء في البعدية الرتبية لا الزمانية و الاستثناء بلحاظ افراد الربح لا ازمنة
كل ربح يقتضي ان يكون المصروف في المئونة مستثنى عن موضوع الخمس من أوّل الأمر،
فتدبر جيدا.
[المقام الثالث في الدليل على جواز تأخير دفع الخمس إلى آخر السنة
رغم فعلية التعلق]
و امّا المقام الثالث- فبعد الفراغ في المقامين السابقين عن اثبات
تعلق الخمس من حين حصول الربح و الفائدة فيما عدا ما يكون مصروفا في مئونته
بالفعل، يقع البحث في الدليل على جواز تأخير دفع الخمس الى صاحبه و الارفاق
بالتصرف في المال المتعلق به الخمس في الاسترباح و المبادلات، بل و جواز إبقائه
الى آخر