و الهدايا و العطايا، كيف و قد عرفت
اطلاق بل صراحة أو ظهور كلمات بعض الفقهاء المتقدمين في وجوبه فيها كغيرها، نعم
لعل هناك سيرة عملية متأخرة نشأت عند المتشرعة في طول اشتهار الفتوى بعدم وجوب
الخمس فيها من قبل الفقهاء، هذا مضافا الى انّ اصل مبنى تشريع الخمس في مطلق
الفوائد كان من اوّل الامر على الاغماض و الاجمال و التقية، و لهذا تأخر تشريع أو
اظهار الخمس في ارباح المكاسب الى زمن الائمة المتأخرين، و لم يكن الرسول (ص) و
الائمة المتقدمون مكلفين بأخذه و لو من اجل المصلحة التي اشرنا إليها فيما سبق،
كما انّ ظروف الائمة (ع) في جباية هذا الخمس كانت محاطة بغاية التكتم و التستر في
زمن حياتهم و ظهورهم، و اما في زمن الغيبة فقد اختلفت كلمات الفقهاء في أصل وجوب
هذا الخمس أو تحليله أو اخفائه الى ظهور القائم (عج)، كما تقدم مفصلا في بحث
التحليل، و مع هذه الخصوصيات لا تكون السيرة العملية المذكورة حتى لو سلم صغراها
دليلا على عدم ثبوت الخمس، اذ تشترط في كاشفية السيرة العملية و عدم الالتزام بدفع
الخمس عن عدم وجوبه واقعا ان لا يوجد مانع عن ابراز ذلك التكليف او انتشاره بين
المتشرعة كما هو محقق في بحث حجية السيرة من بحوثنا الاصولية، و هناك تتمة للحديث
عن هذا الوجه سوف تأتي عند التعليق على المتن.
الوجه الثالث- دعوى سقوط الروايات الدالة على ثبوت الخمس في مطلق
الفائدة عن الحجية لإعراض المشهور عنها، و عدم اعتمادهم عليها، مع انها كانت في
مرأى و مسمع منهم، فبناء على قبول كبرى سقوط الرواية عن الحجية بالاعراض- كما هو
الصحيح- تسقط هذه الروايات عن الحجية.
و فيه: أولا- منع الصغرى بعد ما عرفته من كلمات قدماء الاصحاب الذين
يكون اعراضهم مهما، فانه لو لم يدع ظهور اكثرها في العموم فلا اقل من عدم ظهورها
في نفي الخمس فلا إعراض من قبلهم.