كما لا إشكال في أنّ القدر المتيقن شمول
القاعدة لموارد السهو أو النسيان في الموضوع، و أمّا نسيان الحكم فقد ألحقه بعضهم
بالجهل؛ لأنه نحو جهل بالحكم فعلًا و إن كان يرتفع بمجرّد الالتفات، و أمّا الجهل
بالحكم أو الموضوع بمعنى العلم بالصحة واقعاً أو ظاهراً على أساس أصل أو أمارة ثمّ
ينكشف الخلاف فقد حكم المشهور بعدم جريان القاعدة فيه، و فصّل بعض أساتذتنا العظام
قدس سرهم في الجاهل بين المقصّر فلا يجري في حقه القاعدة، و القاصر فتجري في حقه.
و الظاهر أنّ مقصوده من الجاهل المقصّر الأعم من التردّد و الشك
المنجّز أو العلم بالصحة نتيجة الاهمال و التقصير في المقدمات.
و ما يمكن أن يذكر في المنع من التمسك باطلاق القاعدة لحالات الجهل
أحد وجوه:
الوجه الأول: أنّ النسبة بين القاعدة و
بين إطلاق أدلّة الجزئية و الشرطية للقيود غير الركنية العموم من وجه بعد فرض خروج
صورة العمد عن القاعدة تخصصاً و خروج النسيان عن أدلّة الجزئية و الشرطية بتعذّر
الامتثال، فلا وجه لتقديم القاعدة عليها.
و فيه:
أوّلًا: النسبة بينهما عموم و خصوص مطلق؛ لأنّ
أدلّة الجزئية و الشرطية لها إطلاق لتمام الحالات؛ لكونها أحكام وضعية يمكن أن
تثبت حتى في حالات التعذّر فضلًا عن الجهل و النسيان، بل حتى إذا كان مفادها
التكليف قد عرفت أن الصحيح فعليّته في موارد النسيان كالجهل، و إطلاق الخاص مقدّم
على إطلاق العام.
و ثانياً: حكومة دليل القاعدة على أدلّة الاجزاء
و الشرائط؛ لكونها ناظرة إلى ما ثبت اعتباره من قيود الصلاة لتفصّل بين ما هو فرض
منها و ما هو سنّة، و إطلاق الحاكم مقدم على إطلاق المحكوم و لو كان بالعموم من
وجه.