و أمّا الروايات الخاصّة التي استدلّ بها على شرطية الحديد، فلا دلالة لها على ذلك، و ذلك:
امّا أوّلًا: فلأنّ الوارد في لسانها
عنوان الحديدة، و الحديدة هي القطعة من الفلز الصعب الذي غالباً يكون من جنس
الحديد، و الذي يحدّد و يعدّ للقطع و الذبح، فيكون المراد من الحديدة السكّين و
المدية و السيف و الشفرة و نحوها، و يكون الملحوظ فيها كونها قطعة حادّة معدّة
لذلك، لا جنسها و كونها من فلز الحديد في قبال سائر الفلزات المنطبعة كالنحاس و
الصفر، فيكون قوله عليه السلام: «لا ذكاة إلّا بحديدة» بمعنى لا ذكاة إلّا
بالسكّين و السيف و نحوهما في قبال الذبح بالليطة و الحجر و العود و القصبة ممّا
ليس معدّاً لذلك.
و ليس المراد اشتراط كون آلة الذبح من جنس الحديد لا من جنس آخر، فلو
كان الحديد على شكل عصا أو هراوة أيضاً لا يصلح الذكاة به لأنّها ليست بحديدة
بالمعنى المتقدّم.
و ممّا يشهد على إرادة هذا المعنى ما نجده في هذه الروايات و غيرها
من جعل المقابلة بين الحديدة و بين العود و الحجر و القصبة و الليطة، مع أنّه لو
كان النظر إلى خصوصية الجنس كان اللازم أن يجعل المقابلة بين الحديد و بين النحاس
و الصفر و الذهب و نحوها من الأجناس الاخرى، في حين انّه لم يرد ذلك في شيء من
الروايات و لا أسئلة الرواة.
و أيضاً قد ورد في روايات اخرى التعبير بدلًا عن الحديدة بالسكّين،
ففي صحيح عبد الرحمن بن الحجّاج قال: «سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن المروة و
القصبة و العود يذبح بهنّ الإنسان إذا لم يجد سكّيناً، فقال: ...» الخ ([1]).
[1] وسائل الشيعة 16: 308،
الباب 2 من أبواب الذبائح، ح 1.