كما أنّ عبائر السيّد المرتضى قدس سره في
الانتصار ([1]) قد توحي بعدم وجود إجماع واضح
في المسألة، حيث إنّه استدل على ذلك بالأصل العملي، فراجع كلماته.
و أمّا كلام المفيد قدس سره في المقنعة ([2])
فقد ذكر فيه الاستقبال في سياق غيره من الشروط المستحبّة أو الواجبة نفسياً أي غير
الموجبة لحرمة الذبيحة، كعدم قطع رأس الذبيحة و عدم سلخها حتى تبرد، فراجع و
تأمّل.
هذا كلّه في أصل شرطية الاستقبال كبروياً.
ثانياً (البحث الصغروي):
ثمّ لو فرغنا عن الشرطية، فهل الشرط استقبال الذابح أو الذبيحة أو
كلاهما؟
وجوه و المشهور الثاني منهما. و قد استدلّوا عليه بأنّ ظاهر الدليل
ذلك، حيث ورد «استقبل بذبيحتك القبلة»، و الباء للتعدية، نظير قوله تعالى: «ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ» ([3])
أي أذهب اللَّه نورهم، فيكون ظاهره جعل الذبيحة مستقبلة للقبلة.
نعم، ورد في مرسل الدعائم عن أبي جعفر عليه السلام «إذا أردت أن تذبح
ذبيحة فلا تعذّب الذبيحة أحدّ الشفرة و استقبل القبلة» ([4])،
و لكنّه مع إرساله لا ظهور فيه على الخلاف؛ لاحتمال إرادة الاستقبال بالبهيمة ([5]).
و لكن الظاهر أنّ الباء في مثل هذه الموارد و إن أفادت التعدية، إلّا
أنّ ذلك ليس بمعنى سلخ الفاعل عن إسناد الفعل إليه، بل هو مع بقاء الفعل مسنداً
إلى فاعله، فقولنا: «ذهبت بزيد» معناه أنّني ذهبت و أذهبت معي زيداً، و كذلك معنى