عدم صحّة اعتقاده و عدم إسلامه. و بهذا
لا يكون مفاد هذه الروايات شرطاً زائداً على اشتراط إسلام الذابح و حسن اعتقاده.
و قد يؤيّده ما نجده في ذيل صحيح محمّد بن مسلم الأخير، حيث عطف على
النهي عن أكل ذلك بقوله عليه السلام: «و لا تأكل من ذبيحة ما لم يذكر اسم اللَّه
عليها» فإنّ بيان هذه الكبرى الكلية عقيب ذلك مع أنّه لم يرد سؤال عنه لعلّه لبيان
نكتة ذلك النهي، و أنّ مَن يتعمّد أن لا يوجّه الذبيحة إلى القبلة بالمعنى
المتقدّم حيث يشكّ في اعتقاده و إسلامه يشكّ في تسميته و إهلاله بالذبيحة للَّه
أيضاً.
و ممّا يمكن أن يستدلّ أو يستأنس به على الأقلّ لما ذكرناه عدم ورود
هذا الشرط في شيء من عمومات الكتاب و السنّة، حتى المتعرّضة لتفاصيل الذبح و
آدابه، كقوله عليه السلام: «و لا ينخع و لا يكسر الرقبة حتى تبرد الذبيحة» ([1])
فلو كان الاستقبال شرطاً أيضاً فلما ذا لم يذكر؟! و هذه و إن كانت عمومات قابلة
للتقييد في نفسها، إلّا أنّ خلوّ مجموعها عن ذكر هذا الشرط- خصوصاً ما يتعرّض فيها
لذكر الشروط و الآداب المستحبّة أو غير الموجبة لحرمة الذبيحة- قد يشكّل دلالة
قوية على نفي الشرطية بحيث تجعلها كالمعارض مع الروايات الدالّة على الشرطية.
و إن شئت قلت: إنّ التقييد في مثل المقام قد يكون أكثر مئونة من حمل
الروايات الآمرة بالاستقبال على الاستحباب، و أنّه سُنّة و أدب إسلامي في مقام
الذبح و الإهلال بالذبيحة للَّه عزّ و جل- كما صرّحت بذلك رواية الدعائم «عن أبي
جعفر و أبي عبد اللَّه عليهما السلام: أنّهما قالا فيمن ذبح لغير القبلة إن كان
أخطأ أو نسي أو جهل فلا شيء عليه و تؤكل ذبيحته، و إن تعمّد ذلك فقد أساء و لا
يجب [و لا نحب] أن تؤكل
[1] وسائل الشيعة 16، 326،
الباب 15 من أبواب الذبائح، ح 3.