: و بما ذكرناه في المسألة الاولى ظهر الحال في هذه المسألة أعني
ضمان الجاني لما يصيب المجني عليه من الاضرار المادية من ناحية كسبه و معيشته بسبب
الجرح أو النقص الذي حصل في بدنه:
أ- فإنّا إذا جعلنا الميزان و الملاك للضمان صدق الإتلاف أو وضع اليد
على مال الغير فهذا لا يصدق في المقام جزماً؛ إذ لم يكن مال للغير بالفعل بعد، و
إنّما كان يمكنه أن يحصل عليه لو لا ذلك النقص أو الجرح.
ب- و أما إن جعلنا الميزان أعم من ذلك بحيث يشمل مطلق تفويت مال عليه
فقد يصدق التفويت، خصوصاً بالنسبة لما كان متلبساً به بالفعل من الكسب و الذي عجز
عنه نتيجة الجناية، و قد حكم سيد العروة قدس سره بثبوت الضمان في حبس الحرّ الكسوب
باعتباره تفويتاً ([1])، و لكنّه قد تقدّم الإشكال
في كفاية مجرّد التفويت لثبوت الضمان.
ج- و أما إن جعلنا الميزان للضمان مطلق الإضرار المالي، فإذا كان
الضرر بمعنى النقص في المال فأيضاً لا يصدق الإضرار؛ لأنّ المال المذكور بعد لم يكن
حاصلًا و مملوكاً للمجني عليه، و إنّما كان يحصل له لو لا الجناية.
اللهم إلّا أن تدّعى إحدى عنايتين عرفيتين:
الاولى- أنّ النفع و المال المذكور حيث إنّه كان
قطعي الحصول في موارد التلبّس الفعلي بالكسب فهو عرفاً بحكم الحاصل و الثابت
للمجني عليه، فيكون فواته عليه إنقاصاً لما هو له بالفعل عرفاً، فيكون ضرراً بل
إتلافاً.
الثانية- أن يكون لنفس وصف التمكّن و القدرة على
التكسّب و تحصيل المال من خلاله قيمة و مالية عقلائياً و عرفاً، و قد أنقصها و
سلبها منه، فيكون ضامناً