تعود إلى النصف، أو عدم الفرق في مقدار
الديات بين الصغير و الكبير و الوضيع و الشريف و الماهر الخبير الكسوب و غيره، أو
الفرق بين دية المسلم و الكافر .. إلى غير ذلك من الأحكام التي تدلّنا على أنّ فهم
الدية على أنّها قيمة المالية الناقصة بالجراحة لبدن الإنسان غير صحيح، بل الأنسب
كونها تكريماً للمجني عليه و جعل حق عقوبة و غرامة مالية بيده على الجاني تتقدّر
بحسب فداحة الجناية و خطورتها و خفّتها، و التعبير بالضمان أو الغرامة الوارد في
الروايات لا يدلّ على خلاف ذلك؛ إذ الضمان أو الغرامة معنى عام ينطبق على
التعويضات و الغرامات الجنائية أيضاً باعتبار اشتغال ذمة الجاني بها، كالتعويض
المدني عن المال.
هذا، مضافاً إلى أنّ ظاهر روايات الدية و ما ورد فيها من التصريح
بأنّ الدية بدل العيب أو النقص أو الكسر أو الجرح الحاصل في البدن بالجناية أنّها
في قبال ذلك، فلو سلّمنا أنّ الدية تعويض عن القيمة و المالية الزائلة بالجناية
فهي قيمة النقص و العيب و الجرح، لا قيمة وصف الصحة و بدل عنها ليتوهم اشتمالها
على نفقة العلاج و تحصيل الصحة، بل لو استرجع المجني عليه صحته و برئ من الجرح أو
الكسر بنحو لم يبقَ فيه أثر و لا عيب أو عثم لم يستحق الدية المقدّرة، و هذا معناه
أنّ الدية لا تدفع في قبال العلاج و تحصيل الصحة، بل في قبال النقص الحاصل في بدن
المجني عليه بالجناية، و هو غير العلاج و البرء، و الذي قد يبقى بعده ناقصاً،
فنفقات العلاج التي يضطرّ إليها المجني عليه ضرر مالي آخر مستقلّ عن النقص أو
العيب و الشين في البدن.
و منه يظهر عدم صحة قياسه على إحداث عيب في مال الغير؛ فإنّ عدم ضمان
نفقة إصلاحه- زائداً على أرش العيب- لأنّه لا يصدق الإضرار و النقص بمالية ماله
إلّا بمقدار ما نقص من قيمته بالعيب لا أكثر، و الذي يكون مقارباً لما يصرف في
سبيل إصلاحه أو تبديله بالصحيح منه، بخلافه هنا؛ فإنّه قد أضرّه بضررين: ضرر في
بدنه و هو العيب الحاصل بالجناية، و ضرر في ماله و هو نفقة العلاج و البرء من