على إصلاح ماله من النفقات، فالضمان في
البدن كالضمان في الأموال و بنحو واحد، غاية الأمر يكون التحديد لقيمة الأعضاء و
تقديرها بمقادير الديات تعبّداً شرعياً.
و مما قد يؤيّد ذلك ما نجده عند الفقهاء من معنى الحكومة في ما لا
تقدير شرعي له من ملاحظة نسبة ما يلحقه من النقص في المالية لو كان عبداً، و حسابه
من الدية كالعشر و نصف العشر بنحو ذلك، مما يؤكّد أنّهم يفهمون الدية على أنّها
قيمة الجرح و بدل ما نقص من وصف الصحة في البدن، كما هو الحال في الأموال، فإذا
ضمن الجاني ذلك لم يكن عليه شيء آخر؛ لأنّه وفّى تمام ما حصل من النقص.
و لعلّه لذلك أيضاً اقتصرت رواية غياث و ما يضاهيها من الروايات عند
العامة- في سنن البيهقي ([1])- على ذكر ضمان نفقة العلاج
في خصوص الجروح التي لا تقدير للدية و لا للأرش فيها، ففي كل مورد لا يغرم الجاني
قيمة الجرح لضآلته و اندماله بحيث لا يبقى له أيّ أثر في البدن و لا عيب ليقدّر له
قيمته، حكم بضمان نفقة علاجه لا محالة؛ لأنّه ميزان النقص في مثل هذه الحالة.
و مما يعزّز عدم الضمان و يؤيّده إطباق فقهائنا على السكوت و عدم
التعرّض لضمان نفقة العلاج في حدود ما فحصنا عنه في كتبهم، و كذلك كتب العامة
باستثناء ما جاء في كتاب المبسوط للسرخسي: «لو قلع سنّ فنبتت صفراء أو نبتت كما
كانت فلا شيء عليه في ظاهر الرواية؛ لأنّ وجوب الأرش باعتبار فساد المنبت، و حين
نبتت كما كانت عرفنا أنّه ما فسد المنبت، ثمّ وجوب الأرش باعتبار بقاء الأثر، و لم
يبقَ أثر حين نبتت كما كانت. و قد روي عن محمد في الجراحات التي تندمل على وجه لا
يبقى لها أثر تجب حكومة بقدر ما لحقه من الألم. و عن
[1] انظر: السنن الكبرى 8:
83، باب ما دون الموضحة من الشجاج.