و في صحيح الحلبي عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في رجل فقأ عين
امرأة، فقال: «إن شاءوا أن يفقئوا عينه و يؤدّوا إليه ربع الدية، و إن شاءت أن
تأخذ ربع الدية. و قال- في امرأة فقأت عين رجل-: إنّه إن شاء فقأ عينها و إلّا أخذ
دية عينه» ([1]). فإنّ جعل ما يأخذه من
الجاني في قبال القصاص ظاهر في أنّ تمام ما يستحقه المجني عليه على تقدير عدم
القصاص إنّما هو الدية لا أكثر.
و في صحيح الفضيل بن يسار عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في عبد جرح
حرّاً، قال: «إن شاء الحرّ اقتصّ منه، و إن شاء أخذه إن كانت الجراحة تحيط برقبته،
و إن كانت لا تحيط برقبته افتداهُ مولاه، فإن أبى مولاه أن يفتديه كان للحرّ
المجروح [حقه] من العبد بقدر دية جراحه و الباقي للمولى، يباع العبد فيأخذ
المجروح حقه و يردّ الباقي على المولى» ([2]).
فإنّ الاقتصار على أن تكون دية جراحته تحيط برقبة العبد بلا احتساب نفقة العلاج،
بل و تصريح الذيل بأنّ حق المجني عليه من قيمة العبد الجاني بقدر دية جراحه،
كالصريح في عدم ضمان شيء زائد على الدية.
هذا، و لكن مع ذلك كلّه يمكن أن يقال بأنّ قصارى ما يستفاد من السكوت
عن ضمان نفقات العلاج في مجموع هذه الروايات إنّما هو نفي ضمان العلاج زائداً على
الدية و الأرش، و أما ضمانه ضمنها بنحو التداخل فلا يمكن نفيه بهذا السكوت؛ لأنّ
نفقات العلاج اللازمة للبرء في ذلك الزمان كانت عادة أقلّ بكثير من الدية، فلعلّ
السكوت عنها كان من جهة استيعاب الدية لها و زيادة، فيبقى مقتضي الضمان لها
تامّاً، و النتيجة تظهر في المورد الذي تكون نفقة العلاج فيه أكثر من الأرش أو
الدية