أما من حيث الكبرى؛ فبأنّ التسبيب و ضمان السبب مع كون الفعل صادراً
من المباشر بالاختيار أمر على خلاف القاعدة لا يمكن قبوله إلّا في الموارد الخاصة
التي قام فيها الدليل عليه.
و أما من حيث الصغرى؛ فلأنّ كبرى التسبيب لو سلّمت فهي إنّما تنفع في
موارد إتلاف المال أو إفساد الشيء الموجب لنقصه، حيث يقال: إن كان المباشر له
إنّما أفسده بسبب الغير و كان السبب أقوى كان عليه الضمان؛ لأنّ استناد التلف إليه
أقوى من استناده إلى المباشر، و من الواضح أنّ هذا فرع صدق الإتلاف أو الإنقاص، و
هو لا يصدق في المقام؛ إذ لا يكون صرف المال للاستعلاج إتلافاً له لينفعه التسبيب.
و إن شئت قلت: إنّ قاعدة التسبيب توسِّع من موضوع قاعدة من أتلف و
تعيِّنه في السبب الأقوى دون المباشر، و ليست قاعدة بحيالها، فلا بدّ و أن يصدق
إتلاف المال أو العضو أو النفس لكي يثبت الضمان بالتسبيب، و هذا لا يصدق في
المقام.
ردِّ هذه المناقشة:
إنّ كلتا المناقشتين- الكبروية و الصغروية- يمكن الإجابة عنهما:
أما الاولى: فبأنّ كبرى التسبيب يمكن
إثباتها تارة بسيرة العقلاء الممضاة شرعاً، و اخرى باستفادتها من مجموع الموارد
الكثيرة التي ثبت فيها حكم الشارع بضمان السبب دون المباشر، و ذلك بعد إلغاء خصوصية
كل مورد عرفاً؛ لتنوّعها و عدم اختصاصها بباب دون باب، و قد وردت في عدّة موارد؛
فإنّ جملة من هذه- الروايات و أكثرها صحيحة السند- واردة في باب ضمان شاهد الزور
للصداق أو للدية أو لما أتلفه الشاهد من المال الذي شهد عليه: