فهذا التمليك لا يكون على أساس العقد أو
الشرط، بل على أساس الفعل التكويني، و هو الأخذ و الحيازة بقصد التملّك بعد إباحة
المالك ذلك، فلا يشترط فيه شيء من شروط المعاوضة أو العقد، و لا تجري عليه
أحكامها من اللزوم و الجواز و الخيار و نحو ذلك.
و على أساس هذا التخريج يمكن أيضاً حلّ الاشكالات المذكورة عندهم في
بحث المعاطاة بناءً على إفادتها للإباحة المطلقة بالنسبة للتصرفات المتوقفة على
الملك كالوطئ أو البيع و العتق لنفسه، فانّها يمكن أن تكون من الإباحة في التملّك
بالأخذ، فلا حاجة إلى التكلّفات و التأويلات التي ذكرها الفقهاء في ذلك البحث.
أثر الإباحة المعوّضة
: اتّضح مما تقدم انّ أثر الإباحة المعوّضة في موارد إباحة التصرّف و
الانتفاع هو جواز التصرّف للمباح له في حدود الإباحة لا أكثر، و استحقاق المبيح
للعوض- سواء كان القيمة السوقية في الإباحة على وجه الضمان أو المسمّى- و في إباحة
التملك للعين جواز تملكها كذلك و حصول الملكية في طول الأخذ و التصرّف.
و هل يتحقق حق للمباح له في الانتفاع أو المنفعة في إباحة التصرّف
زائداً على جواز التصرّف بحيث يمكن انتقاله إلى الغير بسبب ناقل أو بارث و نحوه؟
تقدم انّه لا يحصل شيء من ذلك لأنّ الإباحة المعوّضة حتى العقديّة
منها لا تتضمن انتقال حقّ أو ملك إلى المباح له، بل غايته جواز التصرّف و إباحته،
و أمّا لزوم الإباحة من طرف المبيح أو دفع العوض من طرف المباح له فقد تقدم شرحه و
تفصيله و اختلاف حكمه حسب اختلاف التخريجات العديدة المتصورة للإباحة المعوّضة.
كما تقدّم أيضاً إمكان تخريجها على أساس عقد الجعالة أو إباحة عقدية
مستقلة، و حينئذٍ يترتب عليها آثار عقد الجعالة أو العقود المستقلة و يلحقها
شروطها و أحكامها.