و هو تمليك الطرف للعوض، فيجوز للمبيح
الرجوع كما هو الحال في سائر موارد الإباحة و الإذن بتصرف الغير، فلا التزام له
بشيء، كما أنّ تمليك العوض من الطرف الآخر ليس إلّا هبة مجّانية بحاجة إلى قبض و
إقباض، كما أنّ له الرجوع فيها إذا كان لغير ذي رحم.
3- و بناءً على التخريج الثالث أي كونها إباحة مقيّدة بالتزام الآخر
بتمليك العوض و إنشاء ذلك، فإن كان المبيح أيضاً ملتزماً بالإباحة رجع إلى التخريج
الأوّل و كان التزاماً في مقابل التزام و هو عقد كما أشرنا.
و إن لم يكن التزام بالإباحة من قبل المبيح، بل كانت إذناً و إباحة
فعلية و لكن مشروطة و معلّقة على التزام الآخر بتمليك العوض كما في الشروط ضمن
العقود بحيث لو لم يلتزم فلا إذن و إباحة، فقد تقدّم من بعض الأعلام جعل مثل هذا
الالتزام الشرطي مشمولًا لعموم «المسلمون عند شروطهم»؛ لأنّه ليس شرطاً و التزاماً
ابتدائياً، بل قيد و شرط للإباحة، فيكون نظير الشرط ضمن العقد أو الايقاع، فتكون
الإباحة جائزة، و لكن شرط التمليك للعوض على تقدير الإباحة يكون لازماً و واجب
الوفاء، فيكون اللزوم من قبل المملّك لا المبيح.
و إن كان على تقدير عدم الإباحة أو الرجوع فيها يجوز للمملّك أيضاً
عدم العمل بالشرط؛ لأنّ الشرط كان على تقدير الإباحة لا مطلقاً.
و حينئذٍ فإن كان هذا الاشتراط بنحو شرط النتيجة أي التزام بملكية
العوض تحقّقت الملكية بنفس هذا الشرط و استحقّه المبيح و ملكه عليه، فلا حاجة إلى
تمليك آخر كما لا حاجة إلى قبض و إقباض؛ لأنّ التمليك بالشرط لا بعقد الهبة، فيكون
لازماً عليه، و لا يصح فيه الرجوع ما لم يرجع المبيح عن إباحته.
و إن كان الاشتراط بنحو شرط الفعل وجب عليه التمليك و كان هبة فيملكه
المبيح في طول الاقباض.
كما أنّه يجوز للمملّك الرجوع وضعاً لا تكليفاً إذا كان لغير ذي رحم
متى شاء،