الموضوع قيود للحكم أيضاً، فتكون الإباحة
معلّقة لا محالة على تمليك العوض، فالفرق بينهما في الصياغة.
و هذا التقسيم ناظر إلى مرحلة الإنشاء و كيفيّته.
2- و هناك تقسيم آخر للإباحة من ناحية اخرى تعرّض لها الفقهاء أيضاً
في ثنايا كلماتهم، و هو تقسيمها من حيث حدود التصرّف المباح و دائرته؛ فانّها
تنقسم إلى:
إباحة الانتفاع بدون إتلاف و استهلاك، و إباحة الانتفاع حتى بنحو
الاتلاف كإباحة الطعام للأكل، و إباحة التمليك صريحاً أو ضمناً بأن يبيح له أن
يأخذ المال لنفسه أو يتصرّف فيه التصرّف المتوقّف على الملك كوطء الأمة أو العتق
لنفسه.
3- كما أنّ العوض المجعول في قبال الإباحة تارة يكون عوضاً مسمّىً،
أي أمراً معيّناً يتّفقان عليه، و اخرى يكون قيمة المثل بأن يبيح له أكل الطعام
على وجه الضمان لقيمته السوقية، و قد تسمّى هذه بالإباحة المضمونة.
و قد وقع البحث عندهم في صحّة الإباحة بعوض في هذه الأقسام و كونها
عقداً أو إيقاعاً و كونها لازمة أو جائزة و جملة من الآثار المترتبة في كل قسم من
هذه الأقسام، على ما سنشير إليها.
هل الإباحة المعوّضة عقد أو إيقاع؟
1- لا إشكال في أنّ مجرّد الإباحة من قبل المالك ليس عقداً، بل إيقاع
أو إبراز لمجرّد الرضا و طيب النفس بتصرّف الغير في ماله، و هو كافٍ في جواز
التصرّف فيه بمقتضى ما دلّ على جوازه بطيب نفس المالك و إذنه و ما دلّ على أنّ
الناس مسلّطون على أموالهم.
و هذا كما يشمل الإباحة المجّانية كذلك يصدق في الإباحة على وجه
الضمان لقيمته السوقية- سواء بالنسبة للمنفعة أو الرقبة- لأنّ هذا ليس راجعاً إلى
التعاقد و التوافق بينهما، بل مرجعه إلى أنّ المالك كما له أن يأذن بالتصرّف في
ماله مجّاناً كذلك له أن يأذن بالتصرّف فيه على وجه الضمان، و الذي يعني انّه لا
يرضى بفوات