انّ سياق الآية و ذيلها قرينتان على إرادة الثاني لا الأوّل، فإنّ
المراد من السؤال هو السؤال يوم القيامة، و عندئذٍ لا يكون المراد من العهد المعنى
المذكور، لوضوح انَّ المراد بعهد اللَّه أحكامه و تكاليفه بل ظاهر عنوان العهد هو
الالزامات الثابتة قانوناً لا الالتزامات الشخصية فليست الآية بصدد تنفيذ كل الزام
يجعله الشخص على نفسه، و عندئذٍ لا يكون الأمر بالوفاء الّا ارشاداً الى حكم العقل
بلزوم الطاعة لما هو ملزم به في المرتبة السابقة شرعاً لا الحكم المولوي باللزوم و
وجوب الوفاء، فانه ايضاً حكم شرعي كالاحكام الشرعية الاخرى المعبر عنها بعهد
اللَّه.
هذا مضافاً إلى أن الاستدلال بهاتين الآيتين مبني على إمكان استفادة
الصحّة منهما لا مجرد لزوم العقد و العهد بمعنى وجوب الوفاء به و عدم إمكان فسخه
بعد الفراغ عن صحته و إلّا يكون التمسك بهما لاثبات الصحة من التمسك بالعام في
الشبهة المصداقية.
و هكذا يتضح: انّه لا يمكن الجزم بلزوم
مثل هذه التعهدات و الالتزامات و إن صدرت بين اثنين و بنحو التباني و الاتفاق
عليها، و عليه لا يمكن تصحيح الوعد بالبيع أو الايجار بعنوان عقد مستقل لازم على
الواعد، كما ذهب إليه الفقه الوضعي.
الوجه الرابع: انّه قد يستدل على عدم
اللزوم- و بالتالي بطلان العربون- بروايات بيع العينة و ما يشابهها، كموثقة معاوية
بن عمار، قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام يجيئني الرجل يطلب «مني» بيع
الحرير و ليس عندي منه شيء فيقاولني عليه و اقاوله في الربح و الأجل حتى نجتمع
على شيء. ثمّ أذهب فأشتري له الحرير فأدعوه إليه، فقال: «أ رأيت انْ وجد بيعاً هو
أحب إليه