لا مجرد عمل صنع الصانع- مرجعه إلى
الاجارة في فقهنا، و إن لم يكن في البين إنشاء حق أصلًا بل مجرد وجوب الصنع على
الصانع تكليفاً و وجوب الشراء على المستصنع كذلك فهذا ليس عقداً.
نعم يمكن أن يقال: بأنّ الحق المنشأ بالاستصناع ليس من حق الملكية
للعين أو العمل ليرجع روحاً و لبّاً إلى البيع أو الاجارة بحسب فقهنا، بل هو من
سنخ العهدة، فالصانع يتعهد للمستصنع بأن يصنع أو يهيئ له العين بالنحو المتفق عليه
بينهما و في الوقت المقرّر، في قبال أن يتعهد المستصنع بشرائه منه في ذلك الوقت
بقيمته السوقية مثلًا، فيكون نظير عقد الضمان بناءً على انّه من ضم العهدة إلى
العهدة لا الذمة إلى الذمة، و نظير عقد الكفالة بناءً على انّه تعهد بإحضار
المكفول في الوقت المقرّر.
فالحاصل: ليست العلقة الوضعية و الحق المنشأ
بالعقود منحصراً في الملكية، بل يمكن أن يكون بنحو العهدة. و إن شئت عبّرت عنه
بالحق الشخصي- كما في الفقه الوضعي- و أثره انّه يمكن إلزامه به قانونياً، بل قد
يكون من آثاره تحمل الطرف المتعهد و ضمانه للخسارة أو الضرر الحاصل للطرف الآخر
إذا تخلف عن تعهده و لم يفِ به، فكذلك يقال في المقام.
و هذا البيان قد يكون صحيحاً عرفاً و عقلائياً في مورد لا يكون فيه
غرض للمتعاملين بالعين المصنوعة فعلًا، بل الغرض في توفر شيء في المستقبل قد
يتعلق غرض به في حينه كما إذا فرض أنّ إعداد الشيء المطلوب في وقته صعب إذا لم
يوفر من الآن فعند الاحتياج إليه لا يكون في متناول اليد، ففي مثل هذه الموارد من
وجود غرض آخر مستقل عن تملك الشيء المطلوب بالفعل قد يصحّ إنشاء حق بالمعنى
المذكور.
و أمّا إذا كان الغرض في تملك نفس المصنوع من الآن غاية الأمر لعدم
وجوده