و قد يفسّر السلف بشراء الشيء سلفاً ثمّ
يبيعه قبل موعده و قبل قبضه.
إلّا أنّ هذا الاحتمال- مضافاً إلى عدم صحّته فقهياً، و قد دلّت
الروايات على الصحّة فيه- خلاف الظاهر؛ إذ السلف اسم لما يقبض حالًا ليؤخذ بدله
مستقبلًا، و لذا يصدق على القرض، فيكون النظر إلى نفس السلف، لا ما قد يشترى
بالسلف، و لهذا ورد في رواية اخرى النهي عن بيع و سلف ([1])،
بل ظاهر النهي عن سلف و بيع إرادة النهي عن عمل كان يحقّق بمجموع أمرين السلف و
البيع، و هذا لا يناسب أن يكون المراد منه بيع ما اشترى أوّلًا سلفاً، و إلّا كان
المنهي عنه هو البيع بالخصوص لا السلف.
و قد يفسّر ببيع شيء بأكثر سلفاً ثمّ شرائه بأقلّ نقداً أو بالعكس،
و هما حيلتان من حيل الربا أيضاً.
إلّا أنّ هذا و إن كان باطلًا على ما يستفاد من بعض روايات العينة
إلّا أنّ حمل النهي عن سلف و بيع على ذلك خلاف الظاهر؛ إذ هو من بيع النسيئة ثمّ
الشراء بنقد، و لا يسمّى النسيئة بالسلف، بل هو مقابل له.
و الظاهر بل المطمأنّ به أنّ المقصود من سلف و بيع أن يقرضه و يسلفه
مالًا- و القرض هو السلف، يقال: أسلفه أي أقرضه ([2])-
و لكن مع التباني على أن يبيعه شيء آخر بأكثر من قيمته محاباة فيربحه فيه، فيقرضه
مثلًا مائة دينار و يبيعه خاتماً لا يسوى أكثر من دينار بعشرة دنانير، فتشتغل ذمّة
المقترض بحسب النتيجة بمائة و عشرة دنانير، و هذه طريقة متّبعة في حيل الربا،
فالنهي المذكور عن النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم للمنع عن ذلك.
و منه يعرف: بطلان اشتراط الإقراض و
السلف في بيع أو في أي عقد آخر مثله