قطع النظر عن غرض من بيده المال،
فالحاصل: كون من بيده المال ينظر إلى حيثيّة ماليّته فقط لا أثر له على ضمان المال
من حيث هو مال.
المحاولة الثالثة: أن يقال بأنّ النقود
بالخصوص ليس ضمانها مثلياً بل قيمياً؛ لأنّها ليست سلعة و لا منفعة استهلاكية لها،
و إنّما هي مجرّد وسيلة للمبادلة، و حساب المالية المحضة للأجناس و السلع و الضمان
بالمثل إنّما يكون في السلع و الأموال الحقيقة. نعم، النقود الحقيقية كالذهب و
الفضة لا مانع من أن يكون ضمانها بالمثل لأنّها سلع حقيقية. و الحاصل: موضوع ضمان
المثل السلع الحقيقية، لا النقود التي هي مجرّد وسيلة للمبادلة.
و فيه: أنّ موضوع الضمان عند العقلاء و كذلك في ظاهر ألسنة الروايات
و كلمات الفقهاء إنّما هو المال لا السلعة أو الجنس، و لا إشكال في أنّ النقد حتى
الورقي الاعتباري منه مال حقيقة و عرفاً؛ إذ ليس المراد بالمال إلّا ما يرغب فيه
العقلاء و يبذلون بإزائه مالًا آخر و هذا صادق على النقد الاعتباري في طول اعتباره
و رواجه. نعم، هناك بحث آخر في علم الاقتصاد حول اعتبار النقود من السلع أم لا، و
لكنّه من منظور آخر غير المنظور القانوني الفقهي حيث يقال هناك: إنّ مجموعة نقود
البلد الواحد لا تضاف إلى السلع و الثروة الحقيقية الموجودة في ذلك البلد في حساب
الثروة الكلّية و الدخل القومي للبلد؛ لأنّه مجرّد وسيلة للتبادل و المعاملة لتلك
الثروة فمجموع الثروة الكلّية عبارة عن مجموعة السلع الحقيقية و الخدمات الثابتة
في ذلك البلد لا أكثر. إلّا أنّ هذا منظور علمي آخر لا ربط له بالمنظور الفقهي
الحقوقي حيث يكون النقد الرائج المعتبر مالًا قانوناً، فالحاصل:
تعريف المال الفقهي يختلف عن تعريف المال الاقتصادي فلا ينبغي الخلط
بينهما.
و بناءً عليه، يكون النقد حتى الاعتباري منه مالًا فقهاً و قانوناً و
يكون كسائر الأموال موضوعاً لأحكام الأموال و التي منها ضمان مثلها إذا كان لها
مثل؛ لأنّ المفروض أنّ كلّ مال يكون فيه ضمان، و كلّ ما يكون فيه ضمان إذا كان له
مثل كان