ضمانه مثلياً أي تشتغل الذمّة بمثله و
تنتقل ملكية المضمون له إليه و هو معنى الضمان، و كلتا هاتين الخصوصيّتين متحقّقة
في النقود الاعتبارية فضلًا عن الحقيقية فيكون ضمانها بالمثل أيضاً. و ممّا يشهد
على ذلك أنّه إذا ضمن نقداً من نوع معيّن كالتومان مثلًا لا يجوز له أن يدفع له من
نقد آخر بقيمته كالروبية مثلًا أو الدولار، و ليس هذا إلّا من جهة ضمان الخصوصية
الجنسية الثابتة في المال المضمون.
المحاولة الرابعة: أنّ النقد عبارة عن القيمة
و المالية المحضة لسائر السلع و الأموال؛ و من هنا يكون ضمان الأموال و السلع
القيمية به لكونه القيمة، فكيف يمكن أن لا يكون ضمانها قيمياً؟! فالحاصل: إذا كان
ضمان القيمي قيمياً فضمان القيمة المحضة التي هي النقد قيمي لا محالة. و فرق هذه
المحاولة عن سابقتها أنّه في تلك المحاولة يدّعى اختصاص ضمان المثل ممّا بالسلع
الحقيقية و التي لها منفعة ذاتية حقيقية، و أمّا المدّعى في هذه المحاولة فنكتة
اخرى هي أنّ حقيقة النقد هو كونه قيمة محضة للأموال الاخر فيكون ضمانها قيمياً
كالأموال القيمية بل هو أولى منها، و هذه المحاولة لو تمّت لجرت في النقد الحقيقي
أيضاً بخلاف المحاولة السابقة.
و فيه: أنّ هذا مجرّد تعبير و تلاعب بالألفاظ، و إلّا فالنقد ليس
مالية و قيمة محضة، كما أنّ الضمان ليس للعين بما هي قيمة و مال، بل للمال و النقد
بل هو مال أيضاً، أي شيء له المالية و القيمة كأي مال آخر غاية الأمر باعتبار
كونه مرغوباً لدى الكلّ و قابلًا للبقاء و عدم الفساد و غيره من خصائص النقدية و
الرواج سواء في النقود الحقيقية أو الاعتبارية أصبح هذا المال صالحاً لأن يقبل في
قبال كل سلعة اخرى فتكون مرغوبيّته أوسع دائرة من أيّة سلعة اخرى، و هذا لا يغيّر
حقيقته من حيث كونه شيئاً له المالية و القيمة فإذا تلف أو ضمنه الضامن اشتغلت
ذمّته بمثله؛ لأنّ له المثل في الخارج على حدّ سائر الأموال المثلية بخلاف السلع
القيمية كالفرس مثلًا فإنّه عند تلفه و ضمانه لا يكون له المثل عادة فيكون ضمانه
قيمياً.