و قد حاول بعض أساتذتنا العظام- دام ظله- ([1])
حمل آية الفيء الثانية ([2]) على إرادة الغنيمة التي أفاء
اللَّه بها على رسوله من أهل القرى و لو بالقتال و بعد الغلبة؛ بقرينة المقابلة مع
الآية الاولى، و لم يذكر فيها أنّ ما يرجع إلى النبي أي مقدار مما غنمه المسلمون،
إلّا أنّ آية الغنيمة كشفت القناع عنه و بيّنت أنّ ما يغنمه المسلمون خمسُه يرجع
إلى الأصناف الستة و التي وردت في كلتا الآيتين. و قد استشهد على ذلك بما جاء في
صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول:
«الفيء و الأنفال: ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة الدماء، و قوم
صولحوا و أعطوا بأيديهم، و ما كان من أرض خربة، أو بطون أودية؛ فهو كله من الفيء،
فهذا للَّه و لرسوله؛ فما كان للَّه فهو لرسوله يضعه حيث شاء، و هو للإمام بعد
الرسول.
و أمّا قوله: «وَ ما أَفاءَ اللَّهُ
عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ» قال:
أ لا ترى هو هذا؟! و أمّا قوله:
«ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى» ([3])
فهذا بمنزلة المغنم؛ كان أبي يقول ذلك، و ليس لنا فيه غير سهمين؛ سهم الرسول و سهم
القربى، ثمّ نحن شركاء الناس فيما بقي» ([4]).