ثمّ إنّ لنا كلاماً آخر مع المشهور حتى على تقدير التسليم بظهور
الآية أو الروايات في التقسيم بلحاظ الملكية.
و حاصله: إنّه لا إشكال في أنّ ملكية الأصناف الثلاثة لنصف الخمس
طرفها و مالكها جهة السادة الفقراء و اليتامى و أبناء السبيل لا أشخاصهم
الحقيقيين؛ أي الملكية هنا كالنصف الأوّل تكون للشخصية القانونية الحقوقية لا
الحقيقية، و عندئذٍ يكون مقتضى القاعدة الأولية- على ما سوف يأتي شرحها- ألّا يكون
لأحد، حتى المكلف بالخمس، الولاية على التصرف فيه حتى بدفعه إلى أفراد و مصاديق
تلك الجهة؛ فإنّ هذا تصرّف في مال الغير يحتاج إلى إذن وليّ ذلك المال، و حيث لا
دليل على إعطاء الولاية في ذلك إلى المكلف فلا يجوز ذلك إلّا للولي العام، و هو
الإمام أو نائبه. و لا يقاس المقام بالمال الراجع إلى الأشخاص الحقيقيين.
هذا مضافاً إلى صراحة الروايات التي
استند إليها المشهور في أنّ أمر النصفين كليهما راجع إلى الإمام يتصرف فيه كيف
يشاء و بحسب ما يراه من المصلحة، بل لعل السيرة العملية المتشرّعية منعقدة على هذا
المعنى؛ فإنّ رجوع الشيعة في تمام الخمس و إعطائه بكامله إلى الأئمة أو وكلائهم
ممّا لا يمكن إنكاره، كما أشرنا إليه آنفاً، و هذا يعني أنّنا حتى إذا استظهرنا
التقسيم في الملكية لا بدّ من المصير إلى أنّ كلا النصفين راجع إلى الإمام؛ أحدهما
من حيث الملك و الآخر من حيث الولاية، و لا يجوز للمكلف التصرّف في شيء منهما
بدون إذنه.
فمن الغريب جداً أن يفتي المشهور بأنّ نصف الخمس يكون حاله حال
الزكاة يصرفه المكلّف على السادة الفقراء؛ فإنّ هذا- مضافاً إلى كونه خلاف القاعدة
الأولية- خلاف صراحة هذه الروايات، و كأنّ المشهور تعاملوا مع هذا المال كما
يتعامل مع المال الراجع إلى الشخص الحقيقي، و الذي ترتفع عهدة المكلف عنه