و مما يؤكد هذا الاستظهار ورود نفس
التعبير «لِلَّهِ وَ
لِلرَّسُولِ» في آية الأنفال و آية
الفيء، مع وضوح أنّ الأنفال و الفيء ملك لمنصب الحاكمية و الإمامة، كما هو ظاهر
الآية و صريح الروايات، بل في آية الفيء ذكرت نفس العناوين الواردة في آية الخمس،
مع تقديم «لِلَّهِ» في آية الخمس على الخمس و تأخيره عن الفيء في آية الفيء. و لا
ينبغي الإشكال في ظهور آية الفيء في بيان أنّ الأصناف المذكورة فيها مصرف للفيء
لا أكثر؛ لما في صدرها من التعبير بقوله تعالى: «وَ ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما
أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ وَ لكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ
رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ ...» ([1])؛
فإنّه كالصريح في أنّ الفيء مما أفاءه اللَّه و أرجعه على رسوله، حيث إنّ الأموال
للَّه خلقها للمؤمنين بالأصل، كما أنّ التعبير بتسليط الرسول عليها أيضاً دال على
أنّها راجعة إليه، لا إلى المقاتلين و المسلمين. فهذه النكات في صدر الآية الاولى
من الفيء واضحة الدلالة على أنّ الفيء للَّه و للرسول بالمعنى الذي ذكرناه،
فيكون ذكر الأصناف في ذيل الآية الاخرى لبيان المصارف المقررة للفيء الذي جعله اللَّه
للنبي بما هو ولي و حاكم من قبل اللَّه على الناس.
كما يشهد بذلك أيضاً ما جاء في ذيل الآية من حكمة أو علّة هذا
التقسيم، و هو قوله تعالى: «كَيْ لا يَكُونَ
دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ» ([2])؛
فإنّ هذا الهدف من الغايات و السياسات التي تكون من مسئوليات الحاكم في المجتمع، و
هي تُناسب كونَ الأصناف مجرد موارد للصرف من أجل تحقيق هذا الهدف. و كذلك ما ورد
بعد ذلك من قوله تعالى: «لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ ...» ([3])، و منه يعرف أنّ الهدف من
الخمس ذلك أيضاً. [انظر: الملحق رقم (1)]