أصرحها صحيح فضيل عن أبي عبد اللَّه عليه
السلام في حديث «إذا أقرّ على نفسه عند الإمام بسرقة قطعه؛ فهذا من حقوق اللَّه» ([1]).
نعم، يوجد فرق بين هذا النحو من حقوق اللَّه و بين ما يكون من حقوق
اللَّه محضاً كحدّ الزنا و شرب الخمر؛ من حيث إنّ السبب و الموضوع للقطع في السرقة
حيث كان العدوان على حقوق الناس- أعني المسروق منه- أيضاً أمكن له أن يعفو عن
السارق أو يهبه المال، فلا يقام عليه الحدّ. و هذا يعني أنّ حدّ القطع فيه جنبتان؛
فمن حيث أصل العقوبة حقّ من حقوق اللَّه قد جعله على من يعتدي على أموال الآخرين و
يسرقها من محرزها، و لم تجعل عقوبة القطع ملكاً للمسروق منه، و لكن في نفس الوقت
من حيث إنّ موضوع هذا الحدّ هو العدوان على مال الآخرين، و هو حق تابع لإرادتهم؛
فلا يمكن أن يثبت هذا العدوان إلّا في طول عدم رضاه و عفوه عنه، فمن هذه الناحية
يكون من حقوق الناس.
فالحاصل: إنّ إثبات موضوع هذا الحدّ- و هو
العدوان على الآخرين- من حقوق الناس و تابع لإرادتهم، لا إقامته و إنزاله بالمجرم،
و لازم ذلك و أثره أنّ إثبات موضوع الحدّ يكون حقاً للمسروق منه، فلا يثبت
بالبيّنة الحسبية، بخلاف ما يكون من حدود اللَّه محضاً كالزنا و شرب الخمر، كما
أنّ لازمه أنّه لو عفا عن السارق فلم يرفعه إلى الحاكم كان له ذلك، فلا يقام عليه
الحدّ، بخلاف ما إذا أقرّ السارق بنفسه عند الحاكم أو رفعه إليه و ثبت عنده
بالبينة ثمّ أراد المسروق منه العفو فإنّه لا يمكنه؛ لأنّ عقوبة القطع ليست ملكاً
له، بل هو من حقوق اللَّه، و هذه مرتبة من الحقّية للناس بين ما هو من حقوق الناس
محضاً بحيث يكون منوطاً بمطالبتهم لكونه ملكاً لهم كالقصاص و حدّ الفرية، و بين ما
هو من حقوق اللَّه محضاً كحدّ الزنا و شرب الخمر، و هذا ما يستفاد من روايات عديدة
معتبرة، كصحيح الحلبي عن