أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «سألته
عن الرجل يأخذ اللص يرفعه؟ أو يتركه؟ فقال: إنّ صفوان بن اميّة كان مضطجعاً في
المسجد الحرام، فوضع رداءه و خرج يهريق الماء، فوجد رداءه قد سرق حين رجع إليه،
فقال: من ذهب بردائي؟ فذهب يطلبه، فأخذ صاحبه، فرفعه إلى النبي صلى الله عليه و
آله و سلم فقال النبي صلى الله عليه و آله و سلم: اقطعوا يده، فقال الرجل: تقطع
يده من أجل ردائي يا رسول اللَّه؟ قال: نعم، قال: فأنا أهبه له، فقال رسول اللَّه
صلى الله عليه و آله و سلم: فهلَّا كان هذا قبل أن ترفعه إليّ. قلت: فالإمام
بمنزلته إذا رفع إليه؟ قال: نعم. قال: و سألته عن العفو قبل أن ينتهي إلى الإمام؟
فقال:
حسن» ([1]). و كذلك معتبرة سماعة بن
مهران عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «من أخذ سارقاً فعفا عنه فذلك له، فإذا
رفع إلى الإمام قطعه؛ فإن قال الذي سرق له: أنا أهبه له لم يدعه الإمام حتى يقطعه
إذا رفعه إليه، و إنّما الهبة قبل أن يرفع إلى الإمام، و ذلك قول اللَّه عزّ و جل:
«وَ الْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ»،
فإذا انتهى الحدّ إلى الإمام فليس لأحد أن يتركه» ([2]).
و بهذا البيان يظهر الجواب عن دعوى
المعارضة بين مثل صحيح الفضيل المتقدّم- الدالّ على أنّ القطع في السرقة من حقوق
اللَّه، فلا يشترط بعد ثبوته بالإقرار أن ينتظر المسروق منه ليطالب به- و بين
رواية الحسين بن خالد «و إذا نظر- أي الإمام- إلى رجل يسرق أن يزبره و ينهاه و
يمضي و يدعه، قلت: و كيف ذلك؟ قال: لأنّ الحقّ إذا كان للَّه فالواجب على الإمام
إقامته، و إذا كان للناس فهو للناس» ([3]).
فإنّ هذه الرواية لو تمّت سنداً- من ناحية المحمودي و أبيه- فهي لا
تدلّ على أنّ حدّ القطع من حقوق الناس بحيث لا يمكن للإمام إقامته إلّا بعد حضور
المسروق