إلا إدريس، فإنّه كان خيّاطاً))، و في
آخر عن أبي عبد الله: مقاماً و أقربهم منزلةً، يدعون المباركين))، و في خبر عنه
قال: ( (سأل النبيّ: أيّ الأعمال خير؟ قال: زرعٌ يزرعه صاحبه و أصلحه و أدّى حقّه
يوم حصاده، قال: فأيّ الأعمال بعد الزرع؟ قال: رجل
الأوّل: ما ذكره السيّد الماتن من دعوى إمكان التمسّك بروايات استحباب
الزراعة، فإنّها بضمّها إلى استظهار العموم لمباشرة الزراعة و التسبيب إليها تكون
شاملةً لعقد المزارعة، فإنّه يشتمل على التسبيب لها.
و يردّه: إنّ ظاهر الروايات استحباب الزراعة بوصفها عملًا خارجياً لا
إنشائياً، كما أن عقد المزارعة- باعتباره أمراً إنشائياً- ليس سبباً لوقوع الزراعة
خارجاً، إذ الإنشائيات ليس فيها تسبيب للأمور الخارجية، و بعبارةٍ أخرى: نحن ننكر
الصغرى تارةً، أعني تحقّق التسبيب، كما ننكر الكبرى أخرى، و هي شمول الروايات لغير
العمل الخارجي الزراعي المباشري.
الثاني: أن يقال إنه بعد ثبوت استحباب الزراعة بالروايات يتمسّك
بكبرى استحباب مقدّمة المستحب، و من الواضح أن عقد المزارعة مقدّمة للزراعة
المستحبّة، فلا بدّ و أن يكون مستحبّاً[1].
و يرد عليه: إن هذا لا يُثبت استحباب المزارعة بما هي عقد، لأنها-
كذلك- لا تعدّ مقدّمةً للزراعة، لعدم كون الأمور الإنشائيّة مقدّمةً للأمور
الخارجية، و عليه فاستحبابها لا بعنوان كونها عقداً بل بعنوان آخر لو كان.
و المتحصّل أنه لم يثبت بدليلٍ الاستحبابُ النفسي لعقد المزارعة، كما
رام صاحب الوجه الأول، و لا الغيري كما هو على الثاني.
[1] السيد الكلبايكاني،
العروة الوثقى 2: 706( الهامش).