نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 3 صفحه : 23
ومنها ما يتعلق بالنواميس الاجتماعية والاحكام
الفرعية ، واشتمال هذا القسم من المعارف على الناسخ والمنسوخ بالنظر إلى تغير المصالح
المقتضية للتشريعات ونحوها من جهة ، ونزول القرآن نجوماً من جهة اخرى يوجب ظهور التشابه
في آياتها ، ويرتفع التشابه بإرجاع المتشابه إلى المحكم ، والمنسوخ إلى الناسخ.
قوله
تعالى : ( فَأَمَّا الَّذِينَ في
قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء
تَأْوِيلِهِ )
، الزيغ هو الميل عن الاستقامة ، ويلزمه اضطراب القلب وقلقه بقرينة ما يقابله في ذيل
الآية من قوله : ( وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا
بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ) ،
فإن الآية
تصف حال الناس بالنسبذ إلى تلقي القرآن بمحكمه ومتشابهه ، وأن منهم من هو زائغ القلب
ومائله ومضطربه فهو يتبع المتشابه ابتغاءً للفتنه والتأويل ، ومنهم من هو راسخ العلم
مستقر القلب يأخذ بالمحكم ويؤمن بالمتشابه ولا يتبعه ، ويسأل الله تعالى أن لا يزيغ
قلبه بعد الهداية.
ومن هنا يظهر : أن المراد باتباع المتشابه
اتباعه عملاً لا إيماناً ، وان هذا الاتباع المذموم اتباع للمتشابه من غير ارجاعه إلى
المحكم ، إذ على هذا التقدير يصير الاتباع اتباعاً للمحكم ولا ذم فيه.
والمراد بابتغاء الفتنه طلب إضلال الناس
، فإن الفتنة تقارب الاضلال في المعنى ، يقول تعالى : يريدون باتباع المتشابه إضلال
الناس في آيات الله سبحانه ، وأمراً آخر هو أعظم من ذلك ، وهو الحصول والوقوف على تأويل
القرآن ومآخذ أحكام الحلال والحرام حتى يستغنوا عن اتباع محكمات الدين فينتسخ بذلك
دين الله من أصله.
والتأويل من الاول وهو الرجوع ، فتأويل المتشابه
هو المرجع الذي يرجعِ إليه ، وتأويل القرآن هو المأخذ الذي يأخذ منه معارفه.
وقد ذكر الله سبحانه لفظ التأويل في موارد
من كلامه فقال سبحانه : (وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ
فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ هَلْ يَنظُرُونَ
إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ
قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ )
الاعراف ـ ٥٣ ، أي بالحق فيما أخبروا به وأنبأوا أن الله هو موليهم الحق ، وأن ما يدعون
من دونه هو الباطل ، وان النبوة حق ، وأن الدين حق وأن الله يبعث من في القبور ، وبالجملة
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 3 صفحه : 23