نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 12 صفحه : 49
وقوله : ( إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ) من تمام كلام إبليس على ما يعطيه السياق يسجل عليهم
العذاب الأليم لأنهم ظالمون ظلما لا يرجع إلا إلى أنفسهم.
وظاهر السياق
أن قوله : ( ما أَنَا
بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَ ) كناية عن انتفاء الرابطة بينه وبين تابعيه كما يشير
تعالى إليه في مواضع أخرى بمثل قوله : ( لَقَدْ تَقَطَّعَ
بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ) الأنعام : ٩٤ وقوله : ( فَزَيَّلْنا
بَيْنَهُمْ وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ ) يونس : ٢٨.
وذلك لظهور أنه
لو لم يكن كناية لكان قوله : ( وَما أَنْتُمْ
بِمُصْرِخِيَ ) مستدركا مستغنى عنه لعدم تعلق غرض به فلا هم يتوهمون
أنهم قادرون على إغاثة إبليس والشفاعة له ولا هو يتوهم ذلك ولا المقام يوهم ذلك
فهو يقول : ( فَلا تَلُومُونِي
وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ) لأن الرابطة مقطوعة بيني وبينكم لا ينفعكم أني كنت
متبوعكم ولا ينفعني أنكم كنتم أتباعي إني تبرأت من شرككم فلست بشريك له تعالى ،
وإنما تبرأت لأنكم ظالمون في أنفسكم والظالمون لهم عذاب أليم لا مسوغ يومئذ
للحماية عنهم والتقرب منهم.
وهذا السياق ـ كما
ترى ـ يشهد أن تابعي إبليس يلومونه يوم القيامة على ما أصابهم من المصيبة على
اتباعه متوقعين منه أن يشاركهم في مصابهم بنحو ، وهو يرد عليهم ذلك بأنه لا رابط
بينه وبينهم فلا يلحق لومهم إلا بأنفسهم ولا يسعه أن يماسهم ويقترب منهم لأنه يخاف
العذاب الأليم الذي هيئ للظالمين وهم ظالمون ، فهو قريب المعنى من قوله تعالى : ( كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ
اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ
الْعالَمِينَ ) الحشر : ١٦.
ولعله من هنا
قال بعضهم إن المراد بقوله : ( إِنِّي كَفَرْتُ ) إلخ ... كفره في الدنيا على أن يكون ( مِنْ قَبْلُ ) متعلقا بقوله : ( كَفَرْتُ ) فقط ، أو به وبقوله :
( أَشْرَكْتُمُونِ ) على سبيل التنازع.
وبالجملة
المطلوب العمدة في الآية أن الإنسان هو المسئول عن عمله لأن السلطان له لا لغيره
فلا يلومن إلا نفسه ، وأما رابطة التابعية والمتبوعية فهي وهمية لا حقيقة لها
وسيظهر هذه الحقيقة يوم القيامة عند ما يتبرأ منه الشيطان ويعيد لائمته إلى نفسه
كما
( ١٢ ـ الميزان
ـ ٤ )
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 12 صفحه : 49