responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 12  صفحه : 48

أخرى هي سلطة يملكها المدعو من نفسه فيملكها الداعي وليس الداعي يملكها عليه من نفسه ، وإبليس إنما ينفي التسلط الذي يملكه من نفسه لا ما يسلطونه على أنفسهم بالانقياد بقرينة قوله : ( فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ).

وهذا هو التسلط الذي يثبته الله سبحانه له في قوله : ( إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ ) النحل : ١٠٠ أو قوله : ( إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ ) الحجر : ٤٢ والآيات ـ كما ترى ـ ظاهرة في أن سلطانه متفرع على الاتباع والتولي والإشراك لا بالعكس.

ولانتفاء سلطانه عليهم بالمرة استنتج قوله بعد : ( فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ) والفاء للتفريع أي إذا لم يكن لي عليكم سلطان بوجه من الوجوه ـ كما يدل عليه وقوع النكرة في سياق النفي والتأكيد بمن في قوله : ( وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ ) ـ فلا يعود إلى شيء من اللوم العائد إليكم من جهة الشرك والمعصية فلا يحق لكم أن تلوموني بل الواجب عليكم أن تلوموا أنفسكم لأن لكم السلطان على عملكم.

وقوله : ( ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَ ) أي ما أنا بمغيثكم ومنجيكم وما أنتم بمغيثي ومنجي فلا أنا شافع لكم ولا أنتم شافعون لي اليوم.

وقوله : ( إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ ) أي إني تبرأت من إشراككم إياي في الدنيا ، والمراد بالإشراك الإشراك في الطاعة دون الإشراك في العبادة كما يظهر من قوله تعالى خطابا لأهل الجمع : ( أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وَأَنِ اعْبُدُونِي ) : يس : ٦١.

وهذا الكلام منه تبر من شركهم كما حكى سبحانه تبري كل متبوع باطل من تابعه يوم القيامة وهو إظهار أن إشراكهم إياه بالله في الدنيا لم يكن إلا وهما سرابيا قال تعالى : ( وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ ) : فاطر : ١٤ وقال : ( وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا ) البقرة : ١٦٧ وقال : ( قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنا هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ ) القصص : ٦٤.

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 12  صفحه : 48
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست